- هذه الدنيا، هي دنيا يجب أنْ نعبرها، وهي ليست للعيش فيها، إنّها طريق وصراط. ولو تمكّنّا من أن نطوي هذا الصراط بشكل مستقيم كما فعل أولياء الله "جُزنا وهي خامدة" فسنكون سعداء.
- أساس العالم يقوم على تربية الإنسان. وإنّ الإنسان هو عصارة جميع الكائنات وخلاصة لتمام العالم. وجاء الأنبياء عليهم السلام من أجل تحويل هذه العصارة من القوّة إلى الفعل حتّى يصبح الإنسان موجوداً إلهيّاً.
- الإيمان يعني أنْ تعي قلوبكم وتصدّق تلك الأمور الّتي أدركتها عقولكم. وهذا يحتاج إلى المجاهدة حتّى تفهم قلوبكم أنّ العالم كلّه محضر لله.
- إنّ من يزكّي نفسه لا يرى نفسه فانياً أبداً.
- إنّ هذه الأدعية وخُطب نهج البلاغة ومفاتيح الجنان وسائر كتب الأدعية، جميعها، تُعين الإنسان ليصبح إنساناً، وعندما يصبح الإنسان إنساناً فإنّه يقوم بجميع تلك الأعمال، فيزرع أيضاً ولكنْ لله، ويحارب أيضاً.
- إنّ جميع العبادات وسيلة، وجميع الأدعية وسيلة، فكلّها وسيلة لظهور لُباب الإنسان، وأنْ يصل ما هو بالقوّة لبُّ الإنسان إلى الفعل.
- يريد الإسلام أنْ يبني الإنسان بناءً شاملاً، أي ينمّيه بالشكل الّذي هو عليه, إذ له نصيب في الطبيعة فينمّيه طبيعيّاً، وله نصيب في عالم البرزخ فينمّيه برزخيّاً، وله نصيب من الروحانيّة فينمّيه روحانيّاً، وله نصيب من العقلانيّة فينمّيه عقلانيّاً، وله نصيب من الألوهيّة فينمّيه إلهيّاً.
- إنّ كلّ ما هو موجود في الإسلام مسخّر من أجل صلاح الشعوب والإنسان. ويريد الإسلام إعادة المنحرفين إلى الصراط المستقيم … إلى طريق السلامة.
- جميع هذه المصائب الّتي تحلّ بالإنسانيّة ناشئة عن هذه النقطة، من أنانيّة الإنسان. إنّ جميع الحروب في هذا العالم هي من هذه الأنانيّة.
- لا توجد حرب أو نزاع بين المؤمنين، واذا ما نشبت حرب بين اثنين فليعلما أنّهما ليسا بمؤمنَين، إذ لا حرب بين المؤمنين.
- عندما لا يكون هناك إيمان، ويكون توجّه الإنسان إلى النفس... وحيث لا يمكن الجمع، ينشب النزاع.
- إنّ جميع هذه الحروب في العالم هي حروب بين الأنانيّات، لأنّ الإنسان يحارب بأنانيّته.
- الحروب هي حروب الأنانيّات، وهي معدومة بين الأولياء. فلو اجتمع الأولياء في مكان واحد لما نشب بينهم أيّ نزاع، ولا ظهر أيّ خلاف، لأنّ كلّ شيء هو لله.
- إنّ الأمر الواجب علينا جميعاً هو أنّ نبدأ بأنفسنا، ولا نكتفي بإصلاح الظاهر فقط، بل أنْ نبدأ من قلوبنا ومن عقولنا، وأنْ نكون في كلّ يوم أفضل من اليوم الّذي سبقه.
- كان رسول الإسلام يتألّم لعدم قبول الناس للتربية إلى حدّ أنّ الباري تبارك وتعالى كان يسلّيه عن ذلك. وكان في مشقّة، فجاءه الخطاب من الله تبارك وتعالى: ﴿مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾1, ويجب أنْ يكون كلّ إنسان كذلك فيشعر بالحزن على الّذين لا يلتزمون بالخطّ الإسلاميّ والإنسانيّ.
- إنّ كلّ عمل يصدر عن الإنسان، بل كلّ ما يقع في عالم الجسم وكان مدرَكاً من قبل النفس، يترك أثراً لدى النفس، من دون فرق بين الأعمال الحسنة أو السيّئة، ومن دون فرق بين أنْ يكون العمل ومن نوع اللذائذ أو نوع الآلام.
- كلّما أقبلت النفس على الدنيا أكثر، كلّما كانت غفلتها عن اللّه وعالم الآخرة أكثر. كما أنّ نفس الإنسان إذا ركنت إلى الدنيا كليّاً، وصار توجّهها ماديّاً ودنيويّاً سُلبت التوجّه لله المتعال ودار الكرامة نهائيّاً و ﴿أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾2.
- حبّ الدنيا يوجب النفور عن غيرها، والإقبال على المُلك يسبّب الغفلة عن الملكوت، وكذلك العكس.
- إذا عاش الإنسان هموم الدنيا وآلامها وأسقامها ومشاكلها وعناءها، وشعر بأنّ أمواج الفتن والمحن تزحف نحوه، ضعف تعلّقه بها، وقلّ ركونه إليها، وتنفَّرَ منها قهراً.
- واضح جدّاً أنّ المفاسد الروحيّة والخلُقيّة والسلوكيّة بأسرها تنجم عن حبّ الدنيا والغفلة عن الله سبحانه وعالم الآخرة، وإنّ حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة.
- إنّ لُطفَ الله تبارك وتعالى وعنايته كلّما كانت متعلّقة بشخص أكثر… وجّه إليه أمواج المحن والفتن أكثر، حتّى تنصرف روحه عن هذه الدنيا وزخارفها وتنزجر، ويتوجّه بمقدار إيمانه إلى عالم الآخرة ويتوجّه قلبه إلى هناك.
- إنّ الإنسان في الدنيا هو محلّ للامتحان أيّاً كان، ابتداءً من أولئك الناس العظام كالأنبياء والأولياء وحتّى الآخرين أيّاً كانوا, فالامتحان يلازم وجود الإنسان، ولن يعيش إنسان في هذا العالم دون امتحان.
- إنّ الامتحان بالأمن والثروة والرئاسة وأمثال ذلك أصعب من الامتحان بالنقص في الأولاد والأنفس, فما أكثر الذين يدّعون أنّهم أنصار للضعفاء، لكنّهم يفشلون عند الامتحان! وما أكثر الّذين يدّعون أنّهم سيكونون من السابقين عند قيام الحرب، لكنّهم لا يجتازون الامتحان بنجاح عند العمل.
- إنّ أفضل علاج لدفع هذه المفاسد الأخلاقيّة، هو ما ذكره علماء الأخلاق وأهل السلوك، وهو أنْ تأخذ كلّ واحدة من الملَكات القبيحة الّتي تراها في نفسك، وتنهض بعزم على مخالفة النفس إلى مدّة، وتعمل عكس ما تتطلّبه منك تلك الملَكة الرذيلة.
- اطلب التوفيق من الله تعالى في كلّ حال لإعانتك في هذا الجهاد، ولا شكّ في أنّ هذا الخُلُق القبيح سيزول بعد فترة وجيزة، ويفرّ الشيطان وجنوده من هذا الخندق، وتحلّ محلهم الجنود الرحمانيّة.
- اسعَ سعيك لكي توصل كلمة التوحيد- الّتي هي أعظم كلمة وأسمى جملة- من عقلك إلى قلبك، فنصيب العقل هو هذا الاعتقاد البرهانيّ الجازم، وثمرة البرهان هذه وأثرها ضعيف ضئيل جدّاً ما لم تصل إلى القلب بالمجاهدة والتلقين.
- لو أراد الإنسان أنْ يبني نفسه لوجب عليه أنْ يلقّن نفسه تلك الأمور المرتبطة ببناء نفسه ويكرّرها. ويزداد تأثير تلك الأمور الّتي ينبغي أنْ تؤثّر في نفس الإنسان من خلال التلقين والتكرار.
- سبب تكرار الأدعية، وتكرار الصلاة في كلّ يوم عدّة مرّات ودائماً، هو لكي يقول الإنسان ويسمع، ويقرأ بنفسه ويستمع إلى تلك الآيات الّتي تبنيه مثل سورة الحمد المباركة والّتي هي درس بناء للإنسان. يجب على الإنسان أن يلقّن نفسه ويكرّر هذه الآيات ويستحضر نفسه لاستماعها.
- هذه الأدعية تُنقذ الإنسان من الظُلمة، وسوف يصبح - عندما يخرج من هذه الظلمة - إنساناً يعمل ولكن لله, فيضرب بسيفه لله، ويقاتل لله، ويقوم لله.
- الهدف من البعثة هو نزول الوحي ونزول القرآن، والهدف من تلاوة القرآن على البشر هو تحقيق التزكية وتصفية النفوس من هذه الظلمات الموجودة فيها، حتّى تصبح الأذهان والأرواح بعد هذه التصفية مستعدّة لفهم الكتاب والحكمة.
- حقّاً إنّ الأنانيّة هي رأس جميع الخطايا, وسوف تبقى هذه الحروب والمفاسد والمظالم ما دامت هذه الأنانيّة موجودة لدى الإنسان.
- السبب في أنّ الأنبياء أرادوا تحقيق الحكومة العادلة في الدنيا هو أنّ هذه الحكومة العادلة - ذات الأهداف الإلهيّة والأخلاق والقيم المعنويّة - يمكنها فيما لو تحقّقت أنْ تكبح جماح المجتمع، وتُصلحه إلى حدّ كبير.
- الجهاد من أجل البناء "بناء الإنسان لنفسه" مقدَّم على جميع أنواع الجهاد. وهذا الجهاد هو الّذي عبّر عنه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالجهاد الأكبر. فهو جهاد عظيم وصعب، وجميع الفضائل تتبع ذلك الجهاد.
- الجهاد الأكبر هو جهاد الإنسان لنفسه الطاغوتيّة. ويجب عليكم أيّها الشبّان أنْ تبدؤوا من الآن بهذا الجهاد، ولا تسمحوا بضياع قِوى الشباب منكم.
- كلّما زالت قوى الشباب كلّما زادت جذور الأخلاق الفاسدة لدى الإنسان، ويصعب الجهاد أكثر. يستطيع الشاب أنْ ينتصر بسرعة في هذا الجهاد، ولا يستطيع الكهل ذلك بنفس السرعة.
- لا تؤخّروا إصلاح حالكم إلى مرحلة الكهولة. فإحدى مكائد النفس الإنسانيّة ضدّ الإنسان ذاته، ويوحي بها الشيطان للإنسان، هي أنْ يؤخّر إصلاح نفسه إلى آخر عمره، فيوسوس له أن استفد الآن من شبابك وتُب في آخر عمرك.
- يتمكّن الإنسان من إصلاح نفسه ما دامت قوى الشباب موجودة، والروح الشابّة اللطيفة موجودة، وجذور الإفساد قليلة, أمّا إذا استفحلت جذور الفساد في الإنسان، فإنّ المفاسد ستتحوّل إلى ملكة عنده، ولا يمكنه الإصلاح.
- ابدؤوا من الآن ببناء أفراد يمكنهم إنقاذ دولة في المستقبل. ولو بنيتم أنفسكم وعمّقتم جذور الفضائل الإنسانيّة في نفوسكم عندها ستنتصرون في جميع المراحل، ويمكنكم إنقاذ بلادكم.
- إنّ الّذين جرّوا بلادنا إلى الضياع كان بسبب أنّ بناءهم كان فاسداً، وكانت عندهم أخلاق وعقائد فاسدة، وممارسات فاسدة. ولو أنّهم كانوا قد بنوا أنفسهم لمَا خانوا الشعب والإسلام.
اعلم أيّها العزيز أنّه مثلما يكون لهذا الجسد صحّة ومرض، وعلاج ومُعالج، فإنّ للنفس الإنسانيّة صحّة ومرضاً، وسقماً وسلامة، وعلاجاً ومعالِجاً.
- إنّ صحّة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الإنسانيّة، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الإنسانيّة.
- وإنّ الأمراض النفسيّة أكثر أهميّة بآلاف المرّات من الأمراض الجسديّة، وذلك لأنّ هذه الأمراض إنّما تصل إلى غايتها بحلول الموت, ولكنّه إذا كان ذا أمراض روحيّة وأسقام نفسيّة - لا سمح الله - فإنّه ما إنْ تفارق الروح البدن وتتوجّه إلى ملكوتها حتّى تظهر آلامها وأسقامها.
- منزلة الأنبياء عليهم السلام هي منزلة الأطبّاء المشفقين، الّذين جلبوا للمرضى وصفات متعدّدة بحسب حالهم، وهدوهم إلى طريق الهداية بكمال الشفقة والرغبة في شفائهم "نحن الأطبّاء تلاميذ الحقّ".
- إنّ الأعمال الروحيّة والقلبيّة والظاهريّة والبدنيّة هي بمثابة الدواء للمرض، كما أنّ التقوى - في كلّ مرتبة من مراتبها - بمثابة الوقاية من الأمور الّتي تضاعف الأمراض. ومن دون الحِميَة لا يمكن أنْ ينفع العلاج، ولا أنْ يتبدّل المرض إلى صحّة.
- كان شيخنا العارف الجليل يقول: إنّ المثابرة على تلاوة آخر آيات سورة الحشر المباركة، من الآية الشريفة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾3 إلى آخر السورة المباركة، مع تدبّر معانيها، في تعقيبات الصلوات، وخصوصاً في أواخر الليل، حيث يكون القلب فارغ البال، مؤثّرة جدّاً في إصلاح النفس، وفي الوقاية من شرّ النفس والشيطان. وكان يوصي بالبقاء على وضوء، قائلاً: "إنّ الوضوء مثل بزّة الجندي".
- عليك أنْ تطلب من القادر ذي الجلال، والله المتعال جلّ جلاله، في كلّ حال، مع التضرّع والبكاء والالتماس أنْ يوفّقك في هذه المرحلة، ويعينك في الحصول على خصلة التقوى.
- اعلم أنّ بدايات الأمر صعبة وشاقّة، ولكنْ بعد فترة من الاستمرار والمثابرة يتحوّل التعب إلى راحة، والمشقّة إلى استراحة، بل تتبدّل إلى لذّة روحيّة خالصة، بحيث إنّ أهلها لا يقابلون تلك اللذّة بجميع اللذائذ.
- يمكن، إنْ شاء الله، بعد المواظبة الشديدة والتقوى التامّة، أنْ تنتقل من هذا المقام إلى تقوى الخاصّة, وهي التقوى عن المستلذّات النفسانيّة، إذ إنّك بعد أنْ تذوق طعم اللذّة الروحيّة تنصرف شيئاً فشيئاً عن اللذائذ الجسديّة وتتجنّبها، وعندئذ يسهل عليك المسير حتّى لا تعود تقيم وزناً للّذات الجسديّة الزائلة، بل تنفر منها.
- إنّ كلّ لذّة من لذّات هذا العالم توجِد في النفس أثراً، وتُبقي في القلوب نكتة سوداء تبعث على شدّة الأنس بهذا العالم والتعلّق به, وهذه هي نفسها تكون سبب الإخلاد إلى الأرض.
- عُمدة صعوبة سكرات الموت وحالة النزع الأخير القاسية وشدّتها ناجمة عن هذه اللذّات وحبّ الدنيا.
- اعلم أنّ أوّل شروط مجاهدة النفس والسير باتجاه الله تعالى، هو "التفكّر". وقد وضعه بعض علماء الأخلاق في البدايات.
* الكلمات القصار, الإمام الخميني قدس سره, إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة طه، الآية: 2.
2- سورة الأعراف، الآية: 176.
3- سورة الحشر، الآية: 18.