إن للقوات المسلحة من جيش وحرس
ثورة[2] ودرك وشرطة إلى لجانٍ ثوريةٍ وقوات تعبئةٍ[3] وقوات عشائرٍ، خصوصية متميزة،
فهؤلاء هم أذرع الجمهورية الإسلامية القوية المقتدرة، وهم أهل الثغور، وحماة الطرق
والمدن والقرى،خلاصة الأمر هم الذين يهبون أبناء الشعب الأمن والهدوء.
لذا وجب على الشعب والحكومة والمجلس[4] أن يشملوهم بعناية خاصة، فالقوات المسلحة
تمثل الجهة التي تتوجه نحوها القوى الكبرى والسياسات التخريبية لاستغلالها أكثر من
أيّة فئة أو جهة أخرى. فبواسطة القوات المسلحة تقع الألاعيب السياسية والانقلابات
وتبديل الحكومات والأنظمة، ومن بين قادتها يقوم المستغلون بشراء البعض ليسيطروا عبر
أولئك القادة المخدوعين على البلدان ويخضعوا الشعوب المظلومة لسلطتهم ويسلبونها
الحرية والاستقلال. فلو تصدى للقيادة في القوات المسلحة قادة نزيهون لما أتيحت
الفرصة لأعداء الدول للتآمر أو احتلال أيّة دولة أبداً. وحتى لو وقع ذلك فإن إجهاضه
سيتمُّ على أيدي القادة الملتزمين وسيصيبه الإخفاق.
وقد كان للقوات المسلحة الملتزمة والقادة العسكريين الشرفاء الوطنيين سهم وافر في
المعجزة المعاصرة التي تحققت في إيران على يد الشعب، كذلك فإن القوات المسلحة، من
جيشٍ وقوى أمن داخلي وحرس ثوري وقوات تعبئة شعبية، استطاعت اليوم _ وبالدعم
اللامتناهي الذي يوفره الشعب لها في الجبهات وخلفها وحيث الحرب الملعونة المفروضة
من قبل صدام التكريتي والتي شنها بأمر أمريكا وسائر القوى ومساعدتها، وبعد حوالي
العامين من الهزيمة السياسية والعسكرية لجيش البعث المعتدي، والمدعوم من قبل
المتجبرين وعملائهم _ أن تصنع هذا العزّ العظيم وتدفع إيران لتسنّم هذا المجد.
كذلك فإن الفتن والمؤامرات التي حاكتها في الداخل الدمى المرتبطة بالغرب والشرق
للإطاحة بالجمهورية الإسلامية أحبطت بالسواعد المقتدرة لشبّان اللجان الثورية[5]
وحرس الثورة وقوات التعبئة والشرطة وبمساعدة أبناء الشعب الغيارى، وأخيراً فإن
هؤلاء الشبّان المضحين الأعزاء هم الذين يسهرون الليالي لتنعم العوائل بالنوم
الهانئ ... نصرهم الله وأعانهم.
* على القوات المسلحة اجتناب التحزب
إذن أيها الأخوة من منتسبي القوات المسلحة بشكل عام، أوصيكم بوصيتي الأخوية هذه
وأنا أمضي الأيام الأخيرة من العمر، بأن تواصلوا التضحية في جبهات القتال بقلوبكم
المعمورة بالعشق للإسلام وعشق لقاء الله، وأن تواصلوا سائر نشاطاتكم القيّمة في
جميع أنحاء البلاد.
كونوا يقظين على حذر، فإن أساطين اللعب السياسية، وممتهني السياسة من المأسورين
للغرب والشرق، وعملاء المتجبرين المتخفّين يلوّحون بأسنّة حرابهم الخائنة الجانية
من خلف الكواليس ويوجهونها من كل صوب _ ودون أيّة فئة أخرى _ نحوكم أنتم يا من
حققتم بتضحياتكم النصر للثورة ووهبتم الحياة للإسلام، هادفين استغلالكم للإطاحة
بالجمهورية الإسلامية وفصلكم عن الإسلام والشعب باسم الإسلام والخدمة للشعب والوطن
وليلقوا بكم في أحضان أحد القطبين الناهبين ويصادروا كل جهودكم وتضحياتكم وذلك
بالحيل السياسية والتظاهر بالإسلام والوطنية.
وصيتي الأكيدة لمنتسبي القوات المسلحة الالتزام بالضوابط المتعلّقة بالقوات
العسكرية والتي تمنع المنتسبين من الانخراط في صفوف الأحزاب والتجمعات والتكتلات،
ولتنأى القوات المسلحة تماماً عن أي حزب أو تجمع سياسي سواءٌ في ذلك الجيش وقوى
الأمن الداخلي والحرس الثوري وقوات التعبئة وغيرهم، وليبتعدوا عن الألاعيب السياسية
ليتمكنوا من حفظ قوتهم العسكرية ويبقوا في منأى عن الخلافات الداخلية للأحزاب.
على القادة العسكريين منع أفرادهم من الانتساب إلى الأحزاب، كذلك ولمّا كانت الثورة
تخصُّ جميع أبناء الشعب ولمّا كان حفظها واجب على الجميع، فإن الواجب الشرعي
والوطني للحكومة والشعب وشورى الدفاع[6] ومجلس الشورى الإسلامي يقضي بمنع القوات
المسلحة _ سواءٌ في ذلك القادة والمسؤولين في المواقع العليا، أو ما يليها _ من
القيام بأيّ عمل مخالف لمصالح الإسلام والوطن أو الاشتراك في اللعب السياسية، بما
في ذلك الانتساب للأحزاب _ الأمر الذي يؤدي دون شك إلى جرهم إلى الدمار والقضاء على
أيّة بادرة من ذلك في مهدها.
على القائد أو شورى القيادة أن يحولوا دون وقوع هذا الأمر بحزم ليحفظوا البلد من
الضرر.
وأوصي منتسبي القوات المسلحة وصية مشفقة وأنا أعتزم الرحيل عن هذه الحياة الدنيا،
أن يستقيموا في وفائهم للإسلام كما هو حالهم اليوم، فإن الإسلام هو المنهج الوحيد
لتحقيق الاستقلال والتحرر، فالله تعالى يدعو الجميع لبلوغ مقام الإنسانية السامي
بنور هدايته. استقيموا فإن ذلك سينجيكم وينجي بلدكم وشعبكم من عار التبعيات والأسر
للقوى التي لا تريدكم إلا عبيداً لها، ولا تسعى إلا إلى إبقاء بلدكم متخلفاً وسوقاً
استهلاكية ترزح تحت عبء ظلمهم الثقيل المُهين. ولترجحوا الحياة الشريفة _ ولو مع
المشكلات _ على حياة العبودية للأجانب المُذلة _ ولو مع الرفاه الحيواني _.
اعلموا أنكم ما دمتم تحتاجون الآخرين في الصناعة المتطورة، وتقضون اعماركم
بالاستجداء، فإن طاقة الإبداع والابتكار والتقدم في الاختراعات لن تتفتح لديكم. وقد
عاينتم بأنفسكم كيف استطاع أولئك _ الذين كانوا يرون أنفسهم عاجزين عن أي شيء،
يائسين من إدارة المعامل وخلال هذه المدة القصيرة التي أعقبت الحصار الاقتصادي _ من
شحذ أفكارهم وتأمين الكثير من الاحتياجات التي كان الجيش والمصانع يعانيان من
نقصها، لذا فإن هذه الحرب وهذا الحصار الاقتصادي وطرد المستشارين الأجانب، أمور
تمثل مواهب الهيٌة كنا غافلين عنها.
والآن أيضاً، فإن الحكومة والجيش إذا قاموا بمقاطعة السلع المنتجة من قبل الناهبين
الدوليين وكثفوا جهودهم ومساعيهم في مجال الإبداع، فإن من المؤمل للبلد أن يحقق
الاكتفاء الذاتي ويتخلص من ظاهرة استجداء الأعداء.
وعليٌ أن أضيف هنا بأن حاجتنا بعد كل هذا التخلف المفتعل إلى الصناعات الكبرى في
الدول الأجنبية حقيقية لا تقبل الإنكار، إلا أن هذا لا يعني حتمية ارتباطنا في مجال
العلوم المتكورة بأحد القطبين. بل إن على الحكومة والجيش السعي لإيفاد الطلاب
والجامعيين المتدينين إلى الدول غير الاستعمارية وغير المستغلة ممن بلغت شأواً في
مجال التطور الصناعي لاكتساب الخبرات والعلوم، ممتنعين عن الإيفاد إلى أمريكا
وروسيا أو من يسير في ركابهما من الدول الأخرى، إلا إذا جاء _ إن شاء الله _ اليوم
الذي تعترف فيه هاتان القوتان بخطئهما وتلتحقان بمسيرة الإنسانية وحب الإنسان
واحترام حقوق الآخرين، أو أن يتمكن المستضعفون في العالم والشعوب الحية والمسلمون
الملتزمون من فرض ذلك عليها. عسى أن يوفق الله لحلول يوم كهذا.
* الخطر الإعلامي في العصر الحاضر
ميم _ تمثل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة وسائل مؤثرة في تدمير الشعوب
وتخديرها خصوصاً الجيل الشاب. فقد نفذت هذه الوسائل خلال القرن الأخير _ سيما في
النصف الثاني منه _ خططاً خطيرة، سواء في مجال الدعاية المضادة للإسلام والروحانية
المخلصة ام في الدعاية للمستعمرين الغربيين والشرقيين. كذلك فقد جندت هذه الوسائل
لفتح أسواق لترويج سلعهم وبضائعهم خصوصاً الكمالية والتزيينية ومن كل نوع وكذا في
الترويج لطُرُز البناء وتزويق المباني، الى خلق حالة التقليد في المشروبات
والملبوسات، حتى اصبح التفرنج في جميع مناحي الحياة من السلوك واللباس والهندام _
خصوصاً عند النساء المنحدرات من طبقات مرفهة أو نصف مرفهة _ وفي آداب المعاشرة وفي
طريقة التحدث والكتابة باستعمال الألفاظ الغربية _ والى درجة قد يصعب فهمها أحياناً
حتى على أقرانهم _ من المفاخر الكبرى. كذلك فإن أفلام التلفزيون المنتجة في الغرب
او الشرق هي التي كانت تسوق الشبان رجالاً ونساءً عن المسير العادي للحياة وتصدهم
عن اكتساب العلم وعن العمل والانتاج والممارسات المهنية نحو الضياع واليأس وسوء
الظن بكل شيء لديهم ولدى بلدهم بما في ذلك الثقافة والأدب والتراث الثقافي المجيد
والآثار النفيسة التي تعرض الكثير منها للنقل إلى المكتبات والمتاحف الغربية
والشرقية على أيدي الخونة النفعيين.
أما المجلات بما كانت تنشره من مقالات وصور فاضحة مؤسفة والجرائد بتسابقها في نشر
المقالات المعادية للثقافة المحلية والإسلام العظيم، فكانت توجه الجماهير _ خصوصاً
شريحة الشبّان الفعالة المؤثرة _ نحو الغرب أو الشرق. هذا ناهيك عما كانت تبثّه من
الداعية الواسعة للترويج لمراكز الفساد والبغاء والقمار واليانصيب ومحلات بيع
البضائع الكمالية ووسائل التجميل والألعاب والمشروبات الروحية، بالأخص ما كان
يستورد منها من الغرب.
وفي مقابل تصدير النفط والغاز والثروات القومية الأخرى، كانت تستورد الدمى واللعب
والهدايا الكمالية ومئات السلع الأخرى مما يعجز عن احصائه مثلي. ولو أنّ عمر النظام
البهلوي المخرب العميل امتد لفترة أطول _ لا سمح الله _ لما كان سيمر وقت طويل حتى
نرى شبابنا الراشدين من أبناء الإسلام وهذا الوطن وممن يمثلون الأمل لهذا الشعب،
الا وهم يتسربون من يد الشعب وحضن الإسلام أو يتعرضون للضياع والتلف في مراكز
الفساد نتيجة الدسائس والخطط الشيطانية التي كان يحيكها النظام الفاسد ووسائل
اعلامه وعملاء الفكر الغربي والشرقي. أو انهم يصبحون عبيداً للقوى الناهبة الكبرى
فيجرّوا البلاد بذلك نحو الدمار. ولكن الله تعالى منّ علينا وعليهم بالنجاة جميعاً
من شر الناهبين والمفسدين.
وصيتي الآن الى مجلس الشورى الإسلامي _ الحالي أو المستقبلي _ ورئيس الجمهورية _
ومن سيليه _ وشورى صيانة الدستور ومجلس القضاء الأعلى[7] والحكومة في كل زمان ان
يحولوا دون انحراف وسائل الاعلام عن الإسلام ومصالح البلاد. وعلينا جميعاً أن نعلم
بأن العقل والإسلام يدينان الحرية بشكلها الغربي الذي يمثل السبب الجوهري في انحراف
الشبّان والشابات والفتية والفتيات. كذلك فإن الاعلانات والمقالات والخطب والكتب
والمجلات المنافية للعفة العامة والمخالفة للإسلام ومصالح البلاد حرام وينبغي علينا
وعلى جميع المسلمين منعها.
يجب تطويق الحريات المخربة، فإذا لم يُمنع _ وبشكل حازم _ ما هو حرام شرعاً ومخالف
لمصلحة الشعب والبلد الاسلامي ولحيثية الجمهورية الإسلامية، فإن المسؤولية تتوجه
للجميع. وإذا أبصر أبناء الشعب وشبّان حزب الله جانباً من هذه الأمور، فإن عليهم
المسارعة لابلاغ الجهات المختصة، فإذا قصّر هؤلاء في مواجهة ذلك فإنهم مكلفون
شخصياً بالمبادرة الى مواجهته، وكان الله في عون الجميع.
* نصيحة للأحزاب والفئات المعارضة
نون _ أنصح وأوصي _ الأحزاب والفئات وكل من يمارس نشاطاً معادياً للشعب والجمهورية
الإسلامية _ وأوجه الحديث ابتداءً للقادة منهم سواء في الخارج أو الداخل فأقول:
لابد أن تجربتكم الطويلة من خلال المسالك التي سلكتموها والمؤامرات التي أقدمتم
عليها، والدول والشخصيات التي لجأتم إليها _ تكون قد علمتكم _ باعتباركم عقلاء
ومدركين كما تدّعون _ بأنه لا يمكن حرف شعب مضحٍّ عن مساره بالاغتيالات والتفجيرات
والقنابل واختلاق الأكاذيب الباطلة المرتجلة، كما لا يمكن أبداً اسقاط أيّة حكومة
أو نظام بهذه الأساليب اللاانسانية واللامنطقية خصوصاً إذا كانت مستندة الى مثل
الشعب الإيراني المضحي _ بدءاً بأطفاله الصغار وانتهاءاً بعجائزه وشيوخه _ في سبيل
تحقيق أهدافه وفي سبيل حماية الجمهورية الإسلامية والقرآن والدين. فأنتم تدركون _
وان لم تكونوا كذلك فأنتم ساذجون _ بأن الشعب لا يؤيدكم، وان القوات المسلحة
تعاديكم ولو افترضتم أنهم كانوا معكم، فإن حركاتكم الطائشة والجرائم التي ارتُكبت
بتحريك منكم أدت الى تعميق الفجوة بينكما، وبذا تكونون قد فشلتم في تحقيق أيّ تقدم
إلا اللهم استعداء الآخرين.
إني _ وأنا أمضي أواخر أيامي _ أوصيكم وصية من يريد لكم خيراً، فأسألكم أولاً: إذا
كنتم قد تصديتم لمحاربة واضطهاد هذا الشعب الذي ابتُلي بالطاغوت والذي أنقذ نفسه
بالتضحية بخيرة أبناءه وشبّانه وبعد الفين وخمسمائة عاماً من ظلم الجناة، كالنظام
البهلوي والناهبين الشرقيين والغربيين. فكيف يمكن لوجدان إنسان مهما كان ملوثاً
الرضى بالتعامل مع وطنه وشعبه بأسلوب لا يرحم الصغير أو الكبير لمجرد احتمال الوصول
الى مقام ما!!
اني أنصحكم بالكفّ عن هذه الممارسات العبثية الطائشة، وأحذركم مغبة التعرض لخداع
المستغلين الدوليين. وغذا كنتم لم تقدموا حتى الآن على ارتكاب جريمة ما، فلتعودوا _
من أي مكان يقلكم الآن _ الى وطنكم والى أحضان الإسلام، وتوبوا الى الله فهو أرحم
الراحمين، وان الجمهورية الإسلامية وشعبكم سيصفحان عنكم إن شاء الله.
أما إذا كنتم قد ارتكبتم جريمة ما، فإن الله حدد حكم تكليفكم فارجعوا من منتصف
الطريق وتوبوا اليه، وإذا كنتم تمتلكون قدراً كافياً من الشهامة فلتقدموا بأنفسكم
لتلقي عقابكم العادل فتنقذوا بذلك أنفسكم من العذاب الإلهي الأخروي. وإن لم تفعلوا،
فلا تهدروا أعماركم أكثر مما فعلتم، وانصرفوا أينما كنتم لممارسة عمل آخر فإن
الصلاح في ذلك.
* نصيحة لمؤيدي تلك التيارات
وبعد ذلك أسأل مؤيدي تلك الأحزاب والفئات في الداخل والخارج: بأي دافع تهدرون
شباباكم من أجل من ثبت لكم الآن انهم يخدمون المستغلين الأقوياء الملتزمون بتنفيذ
خططهم، وانهم قد وقعوا في شباكهم من حيث لا يشعرون؟ لمصلحة من تجفون امتكم؟ انكم
العوبة بأيدي أولئك، وإذا كنتم في إيران فإنكم تعاينون وفاء الجماهير المليونية
للجمهورية الإسلامية وتضحياتها من أجلها.
كما ترون أن الحكومة الحالية تخدم الشعب والمحرومين بكل اخلاص وتفانٍ، وكيف أن
أولئك المدعين للشعبية والجهاد والفداء للشعب قد توجهوا لمعاداة الشعب والتلاعب بكم
أنتم أيها الشبان والشابات الطيبون تحقيقاً لأهدافهم وأهداف احدى القوى الناهبة
الكبرى؛ فيما هم غارقون في مجونهم في أحضان أحد هذين القطبين الجانيين، أو متنعمون
في الرفاه في قصورهم الفخمة الشبيهة بقصور الظالمين التعساء، يمارسون جرائمهم
ويقذفون بكم في لهوات الموت.
نصيحتي المشفقة لكم أيها الفتيان والشبّان سواء في الداخل كنتم أو في الخارج، ان
ترجعوا عن هذا الطريق الخطأ وان تتحدوا مع المحرومين من أبناء مجتمعكم، ممن يبذلون
غاية وسعهم في خدمة الجمهورية الإسلامية، ولتعملوا من أجل ايران الحرة المستقلة
لإنقاذ بلدكم وشعبكم من شر المخالفين، ولتواصلوا معاً الحياة الشريفة.
حتى متى، تبقون في انتظار الأوامر ممن لا يفكرون إلا بمصالحهم الشخصية وممن يعيشون
في أكناف القوى الكبرى وحمايتها ويقفون بوجه شعبهم ويقدمونكم فداءً لأهدافهم
المشؤومة ورغباتهم في التسلط والسيطرة.
لقد وقفتم خلال هذه السنوات القليلة من عمر الثورة على زيف ادعاءات أولئك ومخالفتهم
العملية لها، فهي لا تعدو مجرد السعي في خداع الشبان من أنقياء القلوب، كما انكم
تدركون ان لا قدرة لكم على مواجهة هذا السبيل الشعبي الهادر، وان أعمالكم
وممارساتكم لن تحقق أية نتيجة سوى الاضرار بكم وإتلاف أعماركم.
لقد أديت تكليفي في هدايتكم وأملي أن تستمعوا لهذه النصيحة الخالصة من أية شائبة
لحب السيطرة والتي ستطلعون عليها بعد وفاتي، وتنقذوا أنفسكم من العذاب الإلهي،
هداكم الله المنان الى الصراط المستقيم.
* الى الأحزاب والفئات اليسارية
أما اليساريون كالشيوعيين، وفدائيي الشعب، وسائر التيارات الميالة الى اليسار، فإني
أسألهم ما هو الدافع الذي أقنعتم به أنفسكم للتمسك بعقيدة منيت اليوم بالفشل، ودون
دراسة صحيحة لمختلف العقائد، خصوصاً العقيدة الإسلامية؟ ثم ما الذي أصابكم حتى
أثلجتم قلوبكم بعدة مصطلحات يعدها أهل التحقيق كلمات فارغة؟ وما الذي يدفعكم لجر
بلادكم الى أحضان روسيا أو الصين، واعلان الحرب على شعبكم أو التآمر ضد بلدكم
والجماهير المظلومة لصالح الأجانب، كل ذلك باسم الحب للجماهير؟ لاحظوا أنتم كيف أن
الشيوعية _ ومنذ بداية نشوئها _ ادّعتها من الحكومات من هي أشدها استبداداً ورغبة
في التسلط والأنانية في العالم. فكم من الشعوب التي سُحقت وتعرضت للدمار تحت أيدي
وأرجل روسيا مدعية دعم الجماهير؟ بل أن الشعب الروسي ذاته بمسلميه وغير مسلميه
يتخبط الآن تحت استبداد الحزب الشيوعي ويُحرم من أي مظهر من مظاهر التحرر، ويعاني
كبتاً يفوق كل أنواع الكبت الذي تمارسه سائر الحكومات المستبدة في العالم. وكلنا
رأى الأبهة والتشريفات التي كان (ستالين)[8] يحيط نفسه بها رغم انه يعد من ألمع
وأبرز الشخصيات في الحزب الشيوعي.
واليوم وحيث تقومون أنتم أيها المخدوعون بالتضحية بأرواحكم عشقاً لذلك النظام فإن
المظلومين في نفس روسيا وفي سائر الدول التي تدور في فلكها كأفغانستان يحتضرون من
ظلم ذلك النظام.
ناهيك عما فعلتموه أنتم _ يا مدعي نصرة الشعوب _ من جرائم ضد هذا الشعب المحروم
وأينما سنحت لكم الفرصة، ماذا فعلتم بأهالي (آمل)[9] الشرفاء ممن عددتموهم خطأً
أنصاركم المخلصين فخدعتم البعض منهم ليصبحوا حطاماً في الحرب التي أشعلتموها بين
الحكومة والجماهير؟ ما هي الجرائم التي لم تقدموا عليها؟
إنكم يا أنصار الشعب المحروم! تريدون تسليم شعب إيران المظلوم والمحروم لسلطة
الاستبداد الروسية، وتريدون تنفيذ مثل هذا المخطط تحت غطاء الفداء للشعب ونصرة
المحرومين. وكل ما في الأمر هو أن (حزب تودة) برفاقه الحزبيين يتآمرون تحت ستار
تأييد الجمهورية الإسلامية، في حين تمارس المجموعات الأخرى دورها بالاغتيال
والتفجير.
إنني أوصي الأحزاب والمجموعات سواءٌ المعروفة باليسارية منها _ وان كانت بعض
الشواهد والقرائن تشير إلى ان هؤلاء الشيوعيين هم شيوعيون أمريكا ! _ أو تلك التي
ترتزق من الغرب وتأخذ الهامها منه أو تلك التي حملت السلاح للمطالبة بالحكم الذاتي
ونصرة الأكراد والبلوش، فدمروا المحرومين في كردستان والأماكن الأخرى، ومنعوا حكومة
الجمهورية الإسلامية من تقديم خدماتها الثقافية والصحية والاقتصادية والعمرانية في
تلك المحافظات كالحزب الديمقراطي[10] أو الكوملة[11].
أوصي الجميع أن يعودوا إلى أحضان الشعب، فقد أثبتت لهم تجربتهم حتى الآن بأنهم لم
يتمكنوا من تحقيق شيء عدا التعاسة لأهالي تلك المناطق.
إذن فإن مصلحتهم ومصلحة شعبهم ومناطقهم تكمن في مؤازرتهم الحكومة والكف عن التمرد
وخدمة الأجانب وخيانة الوطن والتوجه نحو بناء البلد. وليعلموا بأن الإسلام أفضل لهم
من الغرب الجاني والشرق المستبد، فهو محقق الآمال الإنسانية للشعوب بشكل أفضل.
* الى الحركات المسلمة المشتبهة
أما المجموعات الإسلامية التي تبدي _ عن خطأ _ ميلاً للغرب وأحياناً للشرق، ممن
كانوا أحياناً يؤيدون المنافقين الذين اتضحت خيانتهم الآن، وأحياناً يلعنون ويطعنون
_ خطأ منهم واشتباهاً _ في المعارضين لأولئك الساعين في الإساءة للإسلام. فإني
أوصيهم الآن بأن لا يصرّوا على خطئاهم، وان يقرّوا به بشهامة إسلامية، وان يضموا
أصواتهم إلى صوت الحكومة والمجلس والشعب المظلوم ويوحدوا مسارهم معهم طلباً لرضا
الله تعالى وإنقاذاً لمستضعفي التاريخ هؤلاء من شر المستكبرين. اذكروا كلام المرحوم
السيد المدرس[12] _ ذلك الروحاني الملتزم الواعي والطاهر السيرة _ حينما قال في
المجلس البائس آنذاك: إذا تحتم علينا الآن أن نموت فلماذا نرضى أن يتم ذلك
باختيارنا؟
أنا أقول لكم أيضاً أيها الأخوة المؤمنون _ وبمناسبة ذكرى ذلك الشهيد في سبيل الله
_: أن يتم القضاء علينا بيد أمريكا وروسيا الجانيتين، ونلاقي ربنا مضرجين بدماء
الشهادة الفانية بشرف، أفضل من أن نعيش مترفين مرفهين تحت لواء الجيش الأحمر
الشرقي، أو لواء الغرب الأسود. وهذه سيرة الأنبياء العظام وأئمة المسلمين وأعلام
الدين المبين وسبيلهم، وعلينا اقتفاء آثارهم وإقناع أنفسنا بأن أي شعب إذا أراد أن
يحيا دون أن يكون تابعاً لأحد فانه قادر على ذلك، وإن القوى الكبرى في العالم لا
يمكنها أن تفرض على أي شعب ما يخالف عقيدته.
علينا أن نأخذ العبرة مما حصل في أفغانستان، فرغم إن الحكومة الغاصبة والأحزاب
اليسارية كانت تقف _ وما زالت _ كلها مع الاتحاد السوفيتي إلا إنها لم تتمكن من قمع
الجماهير. علاوة على ذلك فإن شعوب العالم المحرومة قد استيقظت من رقدتها، ولن يمرّ
طويل حتى تنتهي هذه اليقظة إلى قيام ونهضة وثورة تمكنها من النجاة من سلطة الظالمين
المستكبرين.
وأنتم أيها المسلمون _ من حملة القيم الإسلامية _ ترون كيف ابتدأت بركات الانفصال
عن الغرب والشرق تلوح في الأفق، وكيف انطلقت عقول أبنائنا المبدعة من عقالها سعياً
في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وكيف ابتدأ ما كان يصوره الخبراء الغربيون والشرقيون
الخونة لشعبنا بأنه محال بالتحقق على أيدي أبناء شعبنا وبفكرهم، وسوف يتم تحقيقه
بالكامل _ إن شاء الله _ على المدى البعيد. ويا حسرة على تأخر انطلاق ثورتنا هذه،
وإلا لو إنها كانت _ على الأقل _ قد تحققت في بداية عهد سلطة محمد رضا المتجبرة
القذرة، لكانت إيران المنكوبة غيرها اليوم.
إلى الكتّاب والخطباء من مثيري الانتقادات
وصيتي الى الكتّاب والخطباء والمثقفين ومثيري الإشكالات، وأصحاب العقد، أن يعمدوا
الى الخلوة بربهم ليلة واحدة أو مع وجدانهم إذا لم يكونوا يؤمنون بالله بدلاً من
استهلاك أوقاتهم في معارضة مسيرة الجمهورية وتسخيرهم كل طاقاتهم لإثارة التشاؤم
واليأس والإساءة للمجلس والحكومة وسائر المسؤولين، الأمر الذي يؤدي إلى سوق البلاد
نحو القوى الكبرى.
ابحثوا عن الدافع الباطني الذي يدفعكم إلى ذلك، فكثيراً ما يغفل الناس _ أنفسهم _
عن الدوافع التي تحركهم، تأملوا ما هو المعيار والإنصاف الذي يسمح لكم بالتنكر
لدماء هؤلاء الشبان الذين تقطعوا إرباً في جبهات القتال وفي داخل المدن؟ ، وبإعلان
حرب الأعصاب وزرع الشقاق وتوسيع دائرة المؤامرة وفتح الطريق أمام المستكبرين
والظالمين، في مقابل الشعب الذي يريد الخروج من تحت وطأة الظالمين والناهبين
الخارجيين والمحليين، والحفاظ على استقلاله وحريته اللتين حصل عليهما بالتضحية
بأرواح أبناءه الأعزاء؟ أليس من الأفضل أن تشمّروا عن سواعدكم لتقديم العون
والتوجيه للحكومة والمجلس والشعب لحفظ وطنكم، وبالاستفادة من أفكاركم وأقلامكم
وبيانكم؟ أليس من اللائق بكم أن تقوموا بمساعدة هذا الشعب المظلوم المحروم وتبذلوا
العون في دعم وتثبيت الحكومة الإسلامية؟ هل ترون أن هذا المجلس ورئيس الجمهورية
وسائر أعضاء الحكومة والسلطة القضائية أسوأ ممن كانوا في العهد البائد؟ هل نسيتم
المظالم التي ارتكبها ذلك النظام اللعين بحق هذا الشعب الأعزل المظلوم؟ ألم تعلموا
بأن بلدنا الإسلامي كان في ذلك العهد قاعدة عسكرية لأمريكا التي كانت تراه مستعمرة
لها؟ حتى كان كل شيء بدءاً من المجلس وحتى الحكومة والقوات المسلحة في قبضتها؟
أخَفيَ عنكم ماذا صنع مستشاروهم وصناعيّوهم وخبراؤهم بهذا الشعب وبثرواته؟ هل بدد
النسيان من خواطركم ما كان يُمارس من إشاعة للفحشاء في ربوع البلاد، وما كانت تقوم
به مراكز الفساد من دور البغاء والقمار والحانات ومحلات بيع الخمور ودور السينما
والمراكز من دور مخرب خصوصاً بالنسبة لجيل الشبّان؟ هل نسيتم وسائل إعلام ذلك
النظام ومجلاته وجرائده المشحونة بكل ما يفسد!!
والآن وحيث أُزيلت آثار أسواق الفساد تلك، تصرخون أن عدة محاكم أو عدة شبّان _ لعل
أغلبهم من المجموعات المنحرفة التي تسللت إلى بعض المراكز في الثورة _ يرتكبون بعض
الأعمال الانحرافية لتشويه سمعة الجمهورية الإسلامية، أو أنّ عدة مفسدين في الأرض
يلاقون جزاءهم على ما أعلنوه من الحرب ضد الإسلام والجمهورية الإسلامية. وتدعمون
أولئك الذين يُدينون الإسلام صراحة ويعلنون ضده الحرب المسلّحة، أو الحرب الإعلامية
بأقلامهم وألسنتهم _ الأمر المثير للأسف أكثر من الحرب المسلحة _ وتمدّون إلى من
أهدر الباري دمائهم _ يد الأخوة وتعتبرونهم قرّة أعينكم!!
وتقفون موقف المتفرج جنباً إلى جنب الماكرين ممن تسببوا في فاجعة 14 اسفند[13]
وعرضوا الشبّان الأبرياء للضرب والشتم؟ فهل هذا كله عمل إسلامي وأخلاقي، بينما قيام
الحكومة والسلطة القضائية بإيقاع الجزاء في المعاندين والمنحرفين والملحدين أمر
يدفعكم إلى الصراخ والاستغاثة!!
إنني لست آسفاً على أولئك الأشرار المتلبسين بلباس الأخيار، وأولئك الذئاب المتخفين
بزي الرعاة الذين سخروا من المجتمع وتلاعبوا بهم، مدفوعين لتدمير البلاد والشعب
وخدمة احدى القوتين الناهبتين. فأولئك قد لطخوا أيديهم القذرة بدماء الشبان والرجال
الأفاضل والعلماء المربين للمجتمع، ولم يرحموا الخدج أبناء المسلمين المظلومين،
ولقد فضحوا أنفسهم واستحقوا من الله القهار العار والخذلان ولم يبق لهم طريق للعودة
والتراجع، فشيطان النفس الأمارة يحكمهم. إلا أنني آسف عليكم أنتم أيها الأخوة ممن
أعرف _ إلى حدٍّ ما _ ماضيكم وأحب بعضكم، فلماذا لا تتوجهوا أنتم أيها الأخوة
المؤمنون لمساعدة الحكومة والمجلس الذين يعملون لخدمة المحرومين والمظلومين والحفاة
العراة من إخواننا المعدمين من كل مواهب الحياة؟ لماذا أنتم شاكون من ذلك؟
هل قارنتم بين الأعمال العمرانية للنظام السابق مع مقدار الخدمات التي قدمتها
الحكومة ومؤسسات الجمهورية الإسلامية رغم كل ما يعترضها من مشاكل وصعوبات تعدّ
نتيجة عادية لأية ثورة من جهة ونتيجة للحرب المفروضة _ من جهة أخرى _ وما رافقها من
خسائر وملايين المشردين من خارج البلاد وداخلها، والعراقيل التي لا تطاق، وكل ذلك
في فترة وجيزة!!
هل تعلمون ان الإعمار كان يقتصر آنذاك على المدن وعلى المناطق المرفهة منها؟ في حين
يُحرم الفقراء والمحرومون منه بنسبة كبيرة أو كليّاً؟ والحال أن الحكومة الحالية
والمؤسسات الإسلامية تسعى جاهدة لخدمة هذه الشريحة المحرومة.
فلتكونوا أيها الأخوة المؤمنون مدداً للدولة لكي يتم تحقيق الأهداف بسرعة أكثر،
ولكي تذهبوا إلى محضر الله تعالى _ وأنتم ذاهبون شئتم أم أبيتم _ وأنتم تحملون على
عواتقكم وسام الخدمة لعباده.
(هنا يوجد مقطع كتب الإمام أمامه هذه العبارة "هذا المقدار أنا اقتطعته" مع وجود
إمضاءه الشريف).
* الإسلام يرفض الرأسمالية والاشتراكية
سين _ من الأمور التي يجب التذكير بها هي أنّ الإسلام لا يؤيد الرأسمالية الظالمة
المطلقة، والتي تتولى حرمان الجماهير المظلومة المضطهدة، فهو يدينها بشكل جدي في
الكتاب والسنة ويعتبرها مخالفة للعدالة الاجتماعية رغم أن البعض من أصحاب الفهم
الأعوج ممن لا اطلاع لهم على نظام الحكومة الإسلامية أو المسائل السياسية الحاكمة
في الإسلام كانوا _ وما يزالون _ يؤكدون من خلال كتاباتهم وأقوالهم بأن الإسلام
يؤيد الرأسمالية والملكية المطلقة. الأمر الذي أدى _ ونتيجة الفهم المعوج _ إلى طمس
وجه الإسلام النوراني، وفتح الطريق أمام المغرضين من أعداء الإسلام لمهاجمة الإسلام
واعتباره نظاماً يشبه الرأسمالية الغربية، كنظام أمريكا وبريطانيا والناهبين
الغربيين الآخرين، مستندين في معارضتهم للإسلام على أقوال هؤلاء الجهلة وأفعالهم _
مغرضين في استنادهم هذا أو عن بلاهة _ ودون الرجوع إلى العارفين بالإسلام الحقيقي.
كذلك فإن الإسلام ليس نظاماً كالنظام الشيوعي والماركسي اللينيني، الذي يقمع
الملكية الفردية، ويدعو إلى الاشتراك _ مع التفاوت الكبير بين ما كان سابقاً وما هو
مشهور الآن مما يدعو حتى إلى الاشتراك بالنساء والشذوذ الجنسي _ والذي استتبع
ديكتاتورية واستبداداً مدمرين. فالإسلام نظام معتدل يعترف بالملكية الفردية
ويحترمها بنحو يتحدد بإطار نشوء الملكية وطرق إنفاقها وبالأسلوب الذي يؤدي إلى
دوران عجلة الاقتصاد إذا تم الالتزام به على حقيقته وتحقق العدالة الاجتماعية التي
تعدّ لازمة لأي نظام سليم.
وفي الحالة الثانية أيضاً وقفت مجموعة أخرى من ذوي الأفهام المنحرفة ومن عديمي
الاطلاع على الإسلام واقتصاده الصحيح في مقابل المجموعة الأولى وقدمت الإسلام
أحياناً على انه موافق للمناهج الانحرافية لماركس وأمثاله[14]. متمسكين ببعض الآيات
أو العبارات المأخوذة من نهج البلاغة ودون الأخذ بنظر الاعتبار سائر الآيات
والفقرات الواردة في نهج البلاغة، فأصرّوا بجهل على فهمهم القاصر وراحوا يروجون
للمذهب الاشتراكي، ويدافعون عن الكفر والاستبداد والقمع الذي تجاوز كل القيم
الإنسانية، وسمح لأقلية حزبية أن تعامل الجماهير كالحيوانات.
وصيتي للمجلس وشورى صيانة الدستور والحكومة ورئيس الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى،
أن يُطيعوا أحكام الله تعالى، وأن لا يقعوا تحت تأثير الدعايات الجوفاء للقطب
الرأسمالي الناهب الظالم والقطب الاشتراكي الشيوعي الملحد وليحترموا الملكية ورؤوس
الأموال المشروعة وبما ينسجم مع الحدود الإسلامية.
وليشيعوا حالة الاطمئنان لدى الشعب حتى تنطلق رؤوس الأموال وحركة البناء لتمارس
دورها وتساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وإقامة الصناعات الثقيلة والخفيفة في
البلاد.
* إلى أصحاب رؤوس الأموال المشروعة
كما أوصي الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال المشروعة أن يبادروا إلى توظيف رؤوس أموالهم
في الفعاليات البنّاءة في المزارع والقرى والمصانع، فإن هذا الأمر يعدُّ عبادة
عظيمة.
أوصي الجميع بالسعي لتحقيق الرفاه للطبقات المحرومة، فإن في الاهتمام بأمر
المحرومين من أبناء مجتمعنا _ ممن عانوا الأمرّين طيلة عهد الظلم الملكي وسيطرة
الباشوات _ من الأمور التي تنطوي على خير الدنيا والآخرة، فما أجمل أن تتطوّع
الشرائح الاجتماعية الميسورة الحال لتوفير المساكن والرفاه الاجتماعي لساكني
الأكواخ والأقبية، وليطمئنوا إلى أن في ذلك خير الدنيا والآخرة، كما انه ليس من
الإنصاف أن يحرم شخص من أي مأوى في حين يمتلك الآخر العمارات الشاهقة.
* إلى العلماء القشريين
عين _ أوصي تلك الطائفة من الروحانيين المتظاهرين بالروحانية، ممن يعارضون
الجمهورية الإسلامية ومؤسساتها بدوافع مختلفة وممن أوقفوا أوقاتهم على السعي
لإسقاطها بالتعاون مع المعارضين المتآمرين وممتهني اللعب السياسية وبتقديمهم
أحياناً _ كما بلغنا _ مبالغ طائلة مما وفرّه لهم _ ولأجل تحقيق هذا الهدف _
المتمولون الغافلون عن الله.
أوصيهم فأقول: إنكم لم تحصلوا حتى الآن _ ولا أظن إنكم ستحصلون _ على أية نتيجة من
ممارساتكم المغلوطة هذه، فمن الأفضل لكم إن كنتم فعلتم ذلك من أجل الدنيا _ والله
لن يوفقكم في تحقيق هدفكم المشؤوم هذا _ أن تبادروا إلى استغفار الله تعالى ما دام
باب التوبة مفتوحاً، وأن تضموا صوتكم إلى صوت الشعب فإنّ في ذلك خير الدنيا والآخرة
_ وان كنت لا أظنّ أنكم ستوفقون للتوبة _
أما أولئك المعارضون الأشداء لأصل الجمهورية الإسلامية وحكومتها الناشطون _ قربة
إلى الله ! _ في إسقاطها، المتوهمون ان هذه الجمهورية تفوق النظام الملكي أو أنها
لا تقل عنه سوءاً _ تحملهم على ذلك بعض الممارسات الخاطئة العمدية أو غير العمدية _
مما يقوم به البعض من الأفراد أو الجماعات المخالفة لأحكام الإسلام. فإني أدعوهم
للتكفير بنيّة صادقة في خلواتهم والمقارنة بإنصاف بين الحكومة الحالية والنظام
السابق، ملتفتين إلى أن الهرج والمرج والأخطاء ووجود الانتهازيين كلها أمور لا يمكن
اجتنابها في أية ثورة من ثورات العالم. فإنهم إذا أخذوا في الحسبان مشاكل هذه
الجمهورية، كالمؤامرات والدعايات الكاذبة وما تعرضت له من هجوم مسلح من الخارج
والداخل، والتسلل إلى جميع مؤسسات الحكومة_ مما قامت به المجموعات الفاسدة ومعارضو
الإسلام بهدف إثارة سخط الناس على الإسلام والحكومة الإسلامية، وهو الأمر الذي لا
يمكن تفاديه _ علاوة على حداثة عهد اكثر المتصدين، بل اغلبهم بممارسة السلطة،
مضافاً إلى ما ينشر من الأباطيل والشائعات من قبل المتضررين ممن حرموا الكثير من
المنافع غير المشروعة، أو ممن قلت مداخيلهم بنسب كبيرة والنقص الواضح في قضاة الشرع
والمشكلات الاقتصادية الحادة والصعوبة البالغة في تطهير المؤسسات التي يربو عدد
منتسبيها على عدة ملايين، والنقص في الأيدي الماهرة الصالحة، وعشرات المشاكل الأخرى
التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بدخول المعترك، ناهيك عما يمارسه المتمولون الكبار
من مؤيدي النظام الملكي البائد _ ممن اهلكوا الفقراء والمحرومين في مجتمعنا بأكلهم
الربا وبرغبتهم في تحقيق المنافع الهائلة وبتهريبهم العملات الصعبة إلى خارج البلاد
وعرضهم المواد بأسعار باهضة وبممارستهم للتهريب والاحتكار، الأمور التي تؤدي إلى
إفساد المجتمع _ فهم يلجأون إليكم أيها السادة متظاهرين بالشكوى لخداعكم وقد يقدمون
أحياناً مبالغ على إنها حقوق شرعية لإظهار أنفسهم بمظهر المسلم المخلص، فيذرفون
دموع التماسيح لاستفزازكم ودفعكم للمعارضة. والحال أن كثيراً منهم يمتصون دماء
الناس ويهدمون اقتصاد البلاد باستثماراتهم غير المشروعة.
إنني أنصحكم أيها السادة المحترمون نصيحة أخوية متواضعة في أن لا تقعوا تحت تأثير
هذا النوع من الشائعات المفتعلة، وان تبادروا إلى تقوية وتثبيت هذه الجمهورية
تقرباً إلى الله وحفظاً للإسلام. واعلموا أن هذه الجمهورية الإسلامية إذا سقطت فلن
يأتي بدلاً عنها نظام إسلامي يُرضي بقية الله _ روحي فداه _ أو منصاع لأوامركم أيها
السادة، بل انه سيكون حتماً مما يُرضي أحد قطبي القوة، ومما يعرّض المحرومين في
العالم إلى اليأس والإحباط بعدما أقبلوا على الإسلام والحكومة الإسلامية وسيتعرض
الإسلام عندئذ إلى الإزواء وإلى الأبد. وحينها ستندمون.
أيها السادة إذا توقعتم إمكانية تغيير الأمور وبما ينسجم مع الإسلام وأحكام الله
بين عشية وضحاها، فإنكم على خطأ، فمعجزة كهذه لم تقع طيلة التاريخ البشري، وهي لن
تقع حتماً. فحتى في ذلك اليوم الذي يظهر فيه (المصلح العام) _ إن شاء الله _ لن تقع
معجزة يتمُّ من خلالها إصلاح العالم في يوم واحد، بل سيتم حينها القضاء على
الظالمين وإزوائهم بالجهود والتضحيات، أما إذا كنتم ترون _ كبعض العوام المنحرفين _
ضرورة العمل على تحقق الكفر والظلم لملأ العالم ظلماً لتحقيق علامات الظهور فإنا
لله وإنا إليه راجعون.
* إلى المستضعفين والمسلمين في أنحاء العالم
فاء _ أوصي جميع المسلمين والمستضعفين في العالم أن لا يقعدوا على أمل أن يُتحفهم
قادة بلدانهم أو المسؤولون في حكوماتهم أو القوى الأجنبية بالاستقلال والحرية، فنحن
وهم قد شاهدنا أو أن التاريخ الصحيح نقل لنا _ على الأقل فيما يتعلق بالقرن الأخير
والذي شهد سيطرة الدول الكبرى التدريجية على جميع البلدان الإسلامية وسائر الدول
الضعيفة _ بأن أيّاً من الحكومات القائمة في هذه البلدان لم _ ولن _ تكترث بحرية
شعوبها ورفاهيتها واستقلال بلدانها، بل ان الغالبية العظمى منها، أما أن تكون هي
التي تمارس الظلم والكبت على شعوبها، وان كل ما فعلته إنما هو لمصالحها الشخصية
والفئوية، أو إنها تسعى لتحقيق الرفاهية للشريحة المرفهة والمترفة أساساً فيما تترك
الطبقات المظلومة من سكان الأكواخ والأقبية محرومة من كل الحاجات الأساسية حتى
الماء والخبز أو ما يحقق عيش الكفاف. وتبادر بدلاً عن ذلك إلى تسخير أولئك البائسين
لخدمة الطبقة المرفهة الطفيلية، أو إنها تكون أدوات بأيدي القوى الكبرى تمارس دورها
لتكريس تبعية الدول والشعوب للدول الكبرى، فحولوا هذه البلدان _ وبنصب مختلف
الأحابيل _ إلى سوق للشرق والغرب لتأمين مصالحهما وإبقاء الشعوب متخلفة تعيش حالة
الاستهلاك، وهم اليوم يسيرون على نفس المنوال.
انهضوا أنتم يا مستضعفوا العالم ويا أيتها الدول الإسلامية والمسلمون في العالم
أجمع، وخذوا حقوقكم بأيديكم وأسنانكم، ولا يخيفنكم الصخب الإعلامي للدول الكبرى
وعملائها العبيد. اطردوا الحكام الجناة من بلدانكم فهم يسلمون حصيلة أتعابكم إلى
أعدائكم وأعداء الإسلام العزيز.
لتبادروا أنتم _ وخصوصاً المخلصين الملتزمين منكم _ للأخذ بزمام الأمور والنهوض
جميعاً تحت راية الإسلام المجيدة للوقوف بوجه أعداء الإسلام دفاعاً عن المحرومين في
العالم.
وامضوا قُدماً لإقامة دولة إسلامية واحدة تنضوي تحت لوائها جمهوريات حرة ومستقلة،
فإنكم بذلك ستوقفون جميع المستكبرين في العالم عند حدهم، وتحققون إمامة المستضعفين
ووراثتهم للأرض، عسى الله تعالى أن يعجل من ذلك الأمر الذي وعدنا به.
* عودة إلى الشعب الإيراني المجيد
صاد _ وختاماً لهذه الوصية، أعود فأذكر الشعب الإيراني المجيد بأن المشاق والآلام
والتضحيات وبذل الأنفس وتحمل الحرمان في هذا العالم إنما يتناسب وعظمة الهدف وسموّه
وعلوّ مرتبته.
وما نهضتم من أجله _ أيها الشعب المجاهد المجيد وما زلتم ماضون في تحقيقه، وبذلتم
من أجله الأرواح والأموال _ يعد أسمى وأعلى وأغلى هدف وغاية يمكن السعي من أجلهما
منذ صدر العالم في الأزل وحتى ما وراء هذا العالم وإلى الأبد، فهو رسالة الألوهية
بمعناها الواسع وعقيدة التوحيد بأبعادها السامية التي تمثل أساس الخلق وغايته في
هذا الوجود الرحيب، وفي الغيب والشهود بمختلف درجاتهما و مراتبهما. الأمر الذي تجلى
في العقيدة المحمدية (صلى الله على محمد وآله) بتمام معناه ودرجاته وأبعاده والذي
انصبت جهود جميع الأنبياء العظام (عليهم السلام) والأولياء المعظمين (عليهم السلام)
في سبيل تحقيقه، والذي لا يتيسر دون الاهتداء إلى الكمال المطلق والجلال والجمال
اللامتناهيين. فهو ما شرّف الترابيين (أهل الأرض) على الملكوتيين ومن هم أمسى منهم،
وإن ما يتحقق للترابيين عبر السير فيه، محجوب عن أي موجود في جميع أجراء الخلق في
السر والعلن.
إنكم أيها الشعب المجاهد إنما تسيرون تحت راية تخفق في جميع أرجاء العالم المادي
والمعنوي _ سواءٌ أدركتم ذلك أم لم تدركوا _ وتسيرون في طريق يمثل وحده طريق جميع
الأنبياء (عليهم السلام) والمسلك الوحيد نحو السعادة المطلقة. وبهذا الدافع يسعى
الأولياء جميعاً لنيل الشهادة في هذا الطريق ويرون الموت الأحمر أمراً أحلى من
العسل، وشبانكم قد تجرعوا في الجبهات جرعة من هذا فولهوا، كما أن ما ظهر على آباء
الشهداء وأمهاتهم وإخوانهم إنما كان مظهراً منه، وعلينا أن نقول بحق: يا ليتنا كنا
معكم فنفوز فوزاً عظيماً، وهنيئاً لهم ذلك النسيم المبهج للقلب، وذلك التجلي
المذهل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن جانباً من هذه التجليات قد ظهر في المزارع الملتهبة بحر
الشمس، وفي المصانع التي لا تطاق ظروفها والمعامل الصغيرة وفي مراكز الصناعة
والاختراع والإبداع، بل لدى أكبر أبناء الشعب في الأسواق والشوارع والقرى ولدى جميع
المتصدين لأداء دورهم في الخدمة من أجل الإسلام والجمهورية الإسلامية ومن أجل تقدم
البلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومادامت روح التعاون والتديّن هذه قائمة في المجتمع
فإن بلادنا العزيزة مصونة _ إن شاء الله تعالى _ من نوائب الدهر.
كذلك نحمد الله تعالى على أن الحوزات العلمية والجامعات وشبّان المراكز التربوية
التعليمية الأعزاء يتمتعون بجانب من هذه النفحة الإلهية الغيبية كما أن هذه المراكز
مستقلة تماماً وهي تخصهم بشكل مطلق، حفظها الله من عبث المفسدين والمنحرفين.
كما أوصي الجميع بالانطلاق _ وبالاتكال على الله تعالى _ نحو تحقيق الهوية الذاتية،
والاكتفاء الذاتي والاستقلال بجميع أبعادهما وإذا صرتم في خدمة الله وأوصلتم التمسك
بروح التعاون من أجل تقدم بلدنا الإسلامي ورقيّه فإن الله معكم.
وإني وأنا أرى ما أراه من يقظة الشعب العزيز ووعيه والتزامه وتضحيته ومن روح
المقاومة والثبات في سبيل الله _ آملاً أن تنتقل هذه المعاني الإنسانية بفضل الله
تعالى إلى الأجيال القادمة وتزداد رسوخاً جيلاً بعد جيل _ استأذن الأخوات والأخوة
للمضي نحو مقرّي الأبدي بفؤادٍ مستقر وقلب مطمئن وروح متفائلة، وضمير مفعم بالأمل
بفضل الله.
معلناً عن حاجتي الماسة إلى دعائكم بالخير لي. سائلاً الله الرحمن الرحيم قبول عذري
عن قلة ما قدمته وعن قصوري وتقصيري. آملاً من أبناء الشعب قبول عذري عما بدر مني من
القصور والتقصير وليمضوا قدماً بحزم وإرادة وتصميم وليعلموا بأن رحيل خادم عنهم لن
يُحدث أي خلل في صفوف الشعب الحديدية، فإن هناك من الخدّام مَن هم أفضل وأسمى.
والله الحافظ لهذا الشعب ولجميع المظلومين في العالم.
والسلام عليكم وعلى عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته
26 بهمن 1316 ه_ ش
1 جمادى الأولى 1403 ه_ ق
روح الله الموسوي الخميني
هذه الوصية يقرؤها على الناس بعد موتي أحمد الخميني . وفي حال العذر، يتقبل هذه
المشقة رئيس الجمهورية المحترم ، أو رئيس مجلس الشورى الإسلامي المحترم ، أو رئيس
مجلس القضاء الأعلى المحترم. وفي حال العذر، يقبل هذه المشقة أحد فقهاء صيانة
الدستور المحترمين.
روح الله الموسوي الخميني
في ذيل هذه الوصية المكونّة من 29 صفحة ومقدمة ، أذكّر بعدة أمور:
1_ الآن وأنا حاضر نسبت إليّ بعض المسائل غير الواقعية ، ومن الممكن أن يزداد حجمها
بعدي. لهذا أقول: إن ما نسب إليّ _ أو ينسب _ لا يصدّق إلاّ إذا كان بصوتي أو خطي
وإمضائي وبتأييد الخبراء (يثبت ذلك)، أو كنت قلت شيئاً في تلفزيون الجمهورية
الإسلامية.
2_ ادّعى أشخاص في حال حياتي أنهم كانوا يكتبون بياناتي. إنّي أكذّب هذا الأمر
بشدة. حتى الآن لم يعدّ أيّ بيان أحد غيري.
3_ بناءً على ما ذكر، فإن البعض ادّعوا أنّ ذهابي إلى باريس كان بواسطتهم.. هذا
كذب. أنا بعد إرجاعي من الكويت، وبالتشاور مع أحمد، اخترت باريس، لأن المنع من دخول
الدول الإسلامية كان محتملاً، وكان أولئك تحت نفوذ الشاه. ولكن هذا الاحتمال
بالنسبة إلى باريس لم يكن موجوداً.
4_ طوال مدة النهضة والثورة ونتيجة نفاق بعض الأشخاص وتظاهرهم بالإسلام ذكرتهم
ومدحتهم، وبعدها فهمت أنني كنت غافلاً عن زيفهم.. تلك المدائح كانت في وقت كانوا
يتظاهرون فيه بالالتزام بالجمهورية الإسلامية، والوفاء لها. ولا ينبغي أن يساء
استغلال تلك المسائل، والميزان في كل شخص حاله الفعلي .
روح الله الموسوي الخميني
__________________________
[1] تنقسم القوات المسلّحة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى قسمين أساسيين
هما: القوات المسلّحة النظامية وقوات الأمن الداخلي. تشمل الأولى كلاً من: الجيش،
وقوات حرس الثورة الإسلامية، والتعبئة. مهمتها المحافظة على نظام الجمهورية
الإسلامية، وعلى حدود البلاد أمام اعتداءات الأجانب، والدفاع عن الاستقلال والحرية.
أما الثانية فكانت تشمل كلاً من: الشرطة، والدرك، ولجان الثورة الإسلامية، ثم دُمجت
كلها تحت اسم (قوات الأمن الداخلي)، مهمتها حفظ النظام الداخلي والأمن الفردي
والعام داخل البلاد.
[2] هي مؤسسة عسكرية تأتمر بأمر القيادة العليا، مهمتها: حراسة الثورة الإسلامية
وأهدافها والسعي المستمر في سبيل تحقيق الأهداف الإلهية، ونشر حكم القانون الإلهي
طبق قوانين الجمهورية الإسلامية في إيران وتقوية البنية الدفاعية للجمهورية
الإسلامية عبر تحكيم التعاون بين جميع القوى المسلّحة، وتدريب وتنظيم القوات
الشعبية والمحافظة على الأمن القومي.
[3] عندما انتفض الشعب الإيراني المسلم للخلاص من تسلّط الأجانب الكفرة، وتأسيس
حكومة إلهيّة، فإنه لم يعتبر أن الدفاع عن هذه الثورة أمر منوط بالجيش وحرس الثورة
الإسلامية فقط، بل كانت مهمة عامة أبناء الشعب، وكان على الجميع أن يكونوا معبئين
ومدرّبين بتدريب عسكري يمكّنهم من الدفاع عن الثورة ومنجزاتها. ومن هنا فقد طالب
الإمام الخميني(قدس سره) جميع أبناء الدولة الإسلامية بأن يكونوا مدربين عسكرياً.
كما أن الدستور الإسلامي أعتبر أن من واجبات الحكومة إضافة إلى القوات العسكرية
الثابتة _ أي الجيش وقوات حرس الثورة الإسلامية _ تأمين البرامج والإمكانات اللازمة
للتدريب العسكري لجميع أبناء الشعب وطبقاً للموازين الإسلامية، بحيث يمتلك كل أبناء
الشعب القدرة العسكرية اللازمة للدفاع عن البلد ونظام الجمهورية الإسلامية.
وقد توجه الشعب الإيراني المسلم للإشتراك في قوات التعبئة لتشكيل ما يسمّى بجيش
العشرين مليون.
[4] هو مجلس يضم ممثلين عن الشعب، وينتخبهم الشعب مباشرة وبالاقتراع السرّي، هذا
المجلس إضافة إلى مجلس صيانة الدستور يشكلان السلطة التشريعية للبلاد.
مهمة المجلس: سن القوانين في الجمهورية الإسلامية في إيران وتحديد صلاحية المسؤولين
التنفيذيين، ومنحهم الثقة وحجبها عنهم، والإشراف على كيفية وكمية البرامج
الاقتصادية، وأسلوب تأمين موارد الخزينة وتعيين مجالات صرفها، والمحافظة والدفاع
دائماً عن حقوق الشعب ومصالحه.
كل دورة من دورات المجلس تستمر أربعة سنوات، وعدد أعضاء كل دورة (270) ممثلاً عن
الشعب، وهو قابل للزيادة.
[5] وهي إحدى أجهزة القوات الأمنية المسلّحة، ومهمتها المحافظة على الأمن والنظام
داخل المدن وخارجها إلى جانب الدرك والشرطة. وهي أول مؤسسة أسست بعد انتصار الثورة
الإسلامية في إيران، وقد شكلت من عامة أبناء الشعب.
وقد تم أخيراً دمج القوات الأمنية المسلّحة كلها مع درك وشرطة ولجان ثورية في جهاز
واحد سمّي بجهاز قوات أمن البلاد، ليساهم ذلك في إيجاد التنسيق المطلوب باعلى درجة.
اللجان الثورية كان لها الدور الأساسي في القضاء على تجارة المخدرات المحرّمة التي
كانت تدار من قبل الدول المتجبّرة وأذنابها في المنطقة وبهدف تخريب البنية التحتية
للثورة الإسلامية واهلاك الحرث والنسل.
[6] المادة (167) من الدستور اعتبرت أن من صلاحيات القائد تشكيل مجلس للدفاع. هذا
المجلس يضم سبعة أشخاص، ومهمته تتعلق بشؤون الجيش وحرس الثورة الإسلامية. وعند
اصلاح الدستور عام 1989م أدغم هذا المجلس في مجلس الأمن القومي.
[7] هو أعلى سلطة قضائية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد حوّل عند تعديل
الدستور إلى منصب يشغله شخص واحد هو: رئيس السلطة القضائية.
[8] "جوزيف ستالين" هو أحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب البلشفي، وأحد مدراء صحيفة
"البرافدا" الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوفيتي. انتخب ستالين عام 1922م أميناً
عاماً للحزب، ثم أصبح _ من الناحية العملية _ على رأس الحكومة السوفيتية.
وفي معرض حديثه عن دجل القيادات الشيوعية سرد الإمام الخميني(س) في إحدى كلماته قصة
"بقرة ستالين" وهي: عندما تقرر عقد مؤتمر طهران بين الحلفاء، قرر رؤساء أمريكا
وبريطانيا _ رغم كونهما من زعماء الرأسمالية العالمية _ على الاقتصار على الواجبات
والاستغناء عن التشريفات والاحتفالات، أما الرفيق الشيوعي ستالين فإنه _ رغم إدعائه
الاشتراكية والنضال من أجل الشعوب والمساواة _ أحضر معه في طائرته الخاصة بقرته
الحلوب ليشرب من حليبها في كل صباح!.
[9] هي مدينة تقع شمالي إيران، ومناسبة ذكرها في الوصية هي الحادثة التي وقعت فيها
على يد "اتحاد الشيوعيين" وهي جماعة تتبع فلسفة "ماوتسي تونغ" الشيوعية. هذه
الجماعة لم يكن لها أي نشاط داخل إيران في العهد البائد. وبعد انتصار الثورة
الإسلامية في إيران جاء عناصر هذه المجموعة من أمريكا وأوربا الغربية إلى إيران،
وبدأوا نشاطهم، وفي الحادثة المذكورة تجمع عشرات منهم بكامل أسلحتهم في الغابات،
وقاموا بعمليات ارهاب وإرعاب، ثم نفذوا مخططاً يرمي إلى احتلال مدينة آمل، معتقدين
أنهم إذا نجحوا باحتلالها، فإن الناس ستلتحق بهم، لتصبح المدينة مركزاً للعصيان ضد
الثورة الإسلامية، لكن الذي حدث كان خلافاً لتصوراتهم، فإن أهالي المدينة هبّوا
بمقاومة شعبية هادرة سحقت تحركهم الإرهابي في ساعاته الأولى، وتحولت المدينة إلى
ساحة مواجهة بين السكان العزّل والمهاجمين المسلحين، وخلال مدة خمسة ساعات استطاع
سكان المدينة ان يعتقلوا ويقتلوا المهاجمين، بعد أن سقط من السكان عدد كبير من
النساء والأطفال.
[10] هو حزب قومي كردي، تأسس عام 1945م إبان الاحتلال الوفيتي لشمال وغرب إيران
واقام تحت مظلة الاحتلال دولة حكم ذاتي، واختفى هذا الحزب بعد انسحاب الجيش
السوفيتي من إيران، وحتى عقد الستينات لم يكن له وجود يذكر، لكنه كان يعمل من خلال
حزب تودة العميل للسوفيت.
قبل عدة سنوات حصل "قاسملو" أحد أعضاء هذا الحزب البارزين على الدكتوراه في
تشيكوسلوفاكيا، وتزوّج من إمرأة يهودية، سرعان ما ارتبط من خلالها بجهاز الأمن
الصهيوني "الموساد" بعدها هاجر إلى بغداد، وتمكن من كسب مساعدة حزب البعث العراقي،
وأصدر نشرة "كردستان" وكانت أول اعلان بخروج الحزب الديمقراطي من تحت مظلة حزب
تودة.
لكنه حتى عام 1979م لم يكن لهذا الحزب أي وجود في إيران. وبعد انتصار الثورة
الإسلامية في إيران توجه "قاسملو" إلى محافظة كردستان الإيرانية، وبدأ نشاطه باعلان
وجود الحزب، وكان حزبه أول جماعة طالبت بحكم ذاتي قومي في إيران. ومعظم نشاطه بعد
انتصار الثورة كان تنفيذ العمليات الإرهابية والتخريبية ضد نظام الجمهورية
الإسلامية والشعب المسلم.
[11] هي جماعة فوضوية موتورة تحمل عقيدة شيوعية ماوية، أسست حزباً وسرعان ما تبنّته
أجهزة الأمن الغربية _ البريطانية خاصة _ ونظام صدام. سعى هذا الحزب إلى تشجيع
الأكراد الإيرانيين على الانفصال عن الثورة الإسلامية، وحرّك فيهم العصبية القومية
الجاهلية، وكان شعاره هو: "كردستان اشتراكية موحّدة". اشتهر هذا الحزب بمجازره
الوحشية البشعة ضد الناس وانصار الثورة الإسلامية وتعذيبه لهم، ومن أساليبه تلك:
قطع أعضاء البدن وسلخ الجلد، وإحراق الأبرياء وهم أحياء.
[12] هو داعية حرية واستقلال، بطل وعالم دين ومجاهد ضد الاستبداد، ولد عام 1287ه_
في قرية من قرى "اردستان"، وأمضى دراسته الابتدائية في "اصفهان"، وأكمل دراسته
العليا في "النجف الأشرف".
كان (المدرس) صاحب اسلوب وتعبير سهل يفهمه عامة الناس، كان ذو خُلق وعطف شديد، وعاش
حياة بسيطة متواضعة. وهذه الصفات جعلت منه قائداً هادياً للناس.
عام 1328ه_ عين في الدورة الثانية لمجلس الشورى الوطني عضواً في لجنة الإشراف على
قوانين المجلس ومراقبتها، وذلك بطلب من علماء النجف وإيران.
بعد انتهاء الدورة الثانية للمجلس انتخبه أبناء طهران كممثل عنهم في الدورة الثالثة
للمجلس. معارضته للحكومات العميلة المتتالية، ووقوفه بوجه التحركات الخائنة،
ومعارضته لاتفاقية الخيانة عام 1919م التي عقدت بين حكومتي إيران وبريطانيا _ والتي
أدت إلى افشال تلك الاتفاقية وعدم التصويت عليها في المجلس _ كل ذلك دفع بريطانيا
إلى إصدار أمر باعتقاله مع بعض أصحابه وسجنهم وتعذيبهم وإيذائهم على يد عميل
بريطانيا آنذاك "رضاخان" قائد القوات. لكن الضغط الشعبي والتظاهرات المتزايدة
المطالبة باطلاق سراحه اضطرت الحكومة إلى اطلاق سراحه بعد أن قضى ثلاثة أشهر في
السجن.
ثم فضح السيد المدرس "خطة الجمهورية" تلك المؤامرة التي طرحها "رضاخان" وعارض حكومة
رضاخان ومشاريعه التي كانت تملى عليه من قبل بريطانيا، وأصبح المدرس أحد وأبرز وجوه
المقاومة ضد الاستعمار والاستبداد. مما جعل الأجانب وعبيدهم _ الذين كانوا يخشون
تعاظم نفوذه، والذين اغتاضوا لفشل مؤامراتهم المتكررة لقتله _ إلى اتخاذ القرار
النهائي بخنق هذا الصوت الهادر المطالب بالحرية والإسلام، فمهّدوا لذلك باعتقاله
ونفيه، ثم دسّوا له السم في أيام شهر رمضان.
[13] يوم 14 اسفند 1359ه_ ش (5 آذار 1981م) هو أحد الأيام الدامية في الثورة
الإسلامية، وقعت فيه واقعة شديدة بين اتباع الحق والباطل، استطاع خلالها اتباع الحق
_ بتقديم قافلة من الشهداء _ سحق اتباع الباطل الذي كان يتحرك آنذاك بزعامة "بني
صدر" رئيس الجمهورية، وانتصر فيها حزب الله، أي التحرك الملتزم بالإسلام، وولاية
الفقيه، وقيادة العلماء، والايثار، والبراءة من الشرق والغرب.
وكان جناح الباطل يضم كلاً من: الليبراليين، والاحزاب اليمينية واليسارية أمثال
مجاهدي الشعب، وفدائيي الشعب بقسميهم الأقلية والأكثرية، وجبهة النضال وغيرهم،
إضافة إلى انصار النظام الملكي السابق من طلاب سلطة، وسافاك، وماسونيين، والمطرودين
من الجيش والإدارات الحكومية وغيرهم. وكانوا قد اجتمعوا في ذلك اليوم في جامعة
طهران بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة الدكتور مصدق، فألقى فيهم "بني صدر" كلمة دعا
فيها إلى توحيد المعارضة، واتخاذ قيادة وطنية عوضاً عن القيادة الإسلامية.
وانتهت كلمته تلك باشتباك شديد بين القوات الشعبية لحزب الله من جهة، وميليشيات
مجاهدي الشعب المنظمة والمهيئة للمواجهة والليبراليون من جهة أخرى.
[14] يقصد الإمام الخميني(س) بأمثاله من قبيل: انجلز ولينين وستالين. "كارل ماركس"
(1818 _ 1883) بعد نيله الدكتوراه خاض المعترك السياسي في باريس ولندن والمانيا
وبروكسل، حتى نفي من باريس إلى لندن.
ثم كلّفه اتحاد الشيوعيين في بروكسل بإعداد وكتابة برنامج للحزب الشيوعي. بعدها كتب
كتاب "اللائحة" الذي اعتبره لينين مظهراً للماتريالية التاريخية والديالكتيكية من
عام 1851م، وحتى آخر عمره قضاها في لندن في مزاولة التحرك السياسي والاجتماعي،
وتحرير كتابه "الكابيتال" الذي أصبح فيما بعد أساساً لنظرياته الاقتصادية.