تحريك لليسار
عوامل الانتصار في الحرب الناعمة ندوة فكرية محاضرة ندوة فكرية أمسية ثقافية شعرية الحفل السنوي لتخريج طلاب ورواد مركز الإمام الخميني الثقافي كتب حول الإمام سلسلة خطاب الولي متفرقات
سجل الزوار قائمة بريدية بحث
 

 
مواضيع ذات صلة
الإمام علي ع في فكر الخميني قدهعزّة النفس والإحساس بالمسؤوليةالتوجّه الشعبي وحبّ الناسمئة كلمة عرفانيةروح الله الموسوي الخميني لا يوجد أي مقال
 
التصنيفات » مقالات » الكلمات القصار
القرآن الكريم
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة  

- ربما يظنّ الكثيرون أنّهم قادرون على فهم القرآن لأنّه بنظرهم سهل. وكثير من أهل المعرفة وأرباب الفلسفة يظنّ أنّه يستطيع فهم القرآن لأنّه قد ظهر له بُعدٌ من القرآن، ولكنّ الأبعاد الأخرى لم تنكشف له.

- إنّ للقرآن أبعاداً لم تنكشف لأحد من موجودات عالم المُلك قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقبل تنزّل القرآن من مقام الغيب، وتجلّيه في قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

- بعد أنْ تمّ الاتصال بين صاحب المقام النبويّ المقدّس الوليّ الأعظم وبين مبدأ الفيض، بالمقدار الّذي يُمكن فيه الاتصال، نزل عليه القرآن نزولاً وتنزيلاً، وتجلّى في قلبه، وجرى على لسانه بعد النزول بالمراتب السبع.

- لا يستطيع أحد أنْ يفهم كيفيّة الوحي سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأشخاص الذين كانوا يختلون به، أو استلهموا ذلك منه.

- إنّ معرفة الله (حقّ المعرفة) لا يستطيع الوصول إليها ملَك مقرَّب ولا رسول مرسَل. وهذه المعرفة الحاصلة

لأهل المعرفة هي من بركات البعثة، وهي بسبب نزول كتاب الله بواسطة النزول على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من الأسرار العظيمة أيضاً.

- لو لم يكن القرآن موجوداً لأُغلق باب معرفة الله إلى أبد الآبدين.

- يمكن إثبات وجود الله تبارك وتعالى عن طريق الدليل. ولكنّ المعرفة هي غير إثبات الوجود، وجاء القرآن وفيه الأمران.

- ارتباط المعنويّات بالماديّات وانعكاس المعنويّات في جميع الجوانب الماديّة من خصوصيّات القرآن.

- لقد عطّلوا القرآن الكريم إلى حدّ بدا وكأنّه لا دور له في الهداية.

- رأيت مناسِباً أنْ أذكّر بإشارة عابرة مقتضبة بما جرى على الثقلين، ولعلّ في عبارة "لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض" إشارة إلى أنّ كلّ ما ألمَّ بأيّ من الثقلين بعد الوجود المقدّس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أصاب الثقل الآخر أيضاً، وأنّ هجر أيّ منهما هجرٌ للآخر، حتّى يرد هذان المهجوران الحوض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

- واأسفاه أنّ القرآن - وهو كتاب الهداية -لم يعد له من دور سوى في المقابر والمآتم، بسبب الأعداء المتآمرين والجهلة من الأصدقاء.

- أصبح الكتاب - الّذي ينبغي أنّ يكون وسيلة لتوحيد المسلمين والعالَمين، ودستوراً لحياتهم - وسيلة للتفرقة وإثارة الخلاف، أو عُطّل دوره كُلّياً.

- رأينا كيف يُعتبر مرتكباً لكبرى الكبائر من يُنادي بالحكومة الإسلاميّة ويتحدّث بالسياسة، في حين أنّ سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن والسنّة، ملأى بالنصوص المعنيّة بدور الإسلام الكبير في الشؤون السياسيّة.

- نحن نفخر، ويفخر شعبنا المتمسّك بالإسلام والقرآن، بأنّنا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ حقائق القرآن - المُمتلئة دعوة إلى الوحدة بين المسلمين، بل بين بني البشر- من المقابر، باعتبارها أنجع علاج منقذ للإنسان من القيود المكبّلة لرجليه ويديه وقلبه وعقله، والسائقة له إلى الفناء والعدم والرقّ والعبوديّة للطواغيت.

- وأمّا حافظ القرآن وحارسه فهو ذات الحقّ جلّ جلاله، كما قال في الآية الكريمة المباركة ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ1.

- وأمّا شارح القرآن ومبيّنه فالذوات المطهّرة المعصومون، من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجّة العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، والّذين هم مفاتيح الوجود، ومخازن الكبرياء، ومعادن الحكمة والوحي، وأصول المعارف والعوارف، وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.

- وأمّا وقت الوحي فليلة القدر أعظم الليالي ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ2 وأنور الأزمنة، وهو في الحقيقة وقت وصول الوليّ المطلَق والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.

اعلم أنّ هذا الكتاب الشريف - كما صرّح هو به - كتاب الهداية، وهادي سلوك الإنسانيّة ومربّي النفوس وشافي الأمراض القلبيّة، ومنير طريق السير إلى الله.

إنّ القرآن هو شفاء الأمراض الباطنيّة، ويعالج كلّ مريض على نحو خاصّ.

- وبالجملة، فإنّ الله تبارك وتعالى - لِسِعة رحمته على عباده - أنزل هذا الكتاب الشريف من مقام قربه وقدسه.

- في نفس الوقت الّذي تكون فيه الآيات الشريفة مثل آيات أوّل سورة الحديد وسورة التوحيد المباركة قد نزلت للمتعمّقين في آخر الزمان - حسب الحديث الشريف في الكافي- فإنّ لأهل الظاهر منها نصيباً كافياً، وهذا من معجزات هذا الكتاب الشريف ومن جامعيّته.

- ومن مقاصد هذه الصحيفة الإلهيّة: قصص الأنبياء والأولياء والحكماء، وكيفيّة تربية الحقّ إيّاهم، وتربيتهم الخَلق. فإنّ في تلك القصص فوائد لا تُحصى وتعليمات كثيرة. ومن المعارف الإلهيّة والتعليمات وأنواع التربية الربوبيّة المذكورة والمرموزة فيها ما يحيّر العقل.

- ليس هذا الكتاب كتاب قصّة وتاريخ, بل هو كتاب السير والسلوك إلى الله، وكتاب التوحيد والمعارف والمواعظ والحِكم. والمطلوب في هذه الأمور هو التكرار كي يؤثّر في القلوب القاسية، وتأخذ منها الموعظة.

- إنّ ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام وكيفيّة سيرهم وسلوكهم وكيفيّة تربيتهم عباد الله ومواعظهم ومجادلاتهم الحسنة (في القرآن الكريم) من أعظم أبواب المعارف والحِكم، وأعلى أبواب السعادة والتعاليم، قد فتحها الحقّ تعالى وجلّ مجده على عباده.

- ومن مطالب القرآن الشريف بيان قوانين ظاهر الشريعة والآداب والسنن الإلهيّة، وقد ذُكرت كلّياتها ومهمّاتها في هذا الكتاب النورانيّ. والعمدة في هذا القسم الدعوة إلى أصول المطالب وضوابطها مثل أبواب الصلاة والزكاة والخمس والحجّ والصوم والجهاد والنكاح والإرث والقصاص والحدود والتجارة وأمثالها.

- نزل القرآن على نحو يستفيد منه كلٌّ على حسب كمال إدراكه ومعارفه، وضعفها، وعلى حسب ما له من الدرجة العلميّة.

- يجب تزكية النفوس وتطهيرها من جميع الأدران، وأعظم الأدران هي النفس الإنسانيّة والأهواء النفسانيّة. فما دام الإنسان في حجاب نفسه, فإنّه لا يستطيع أنْ يدرك القرآن الّذي هو نور، كما يعبّر القرآن عن نفسه.

- ما دام الإنسان لم يخرج من حجاب نفسه المظلم جدّاً، وطالما أنّه مبتلى بالأهواء النفسيّة، وطالما أنّه مبتلى بالعجب، وطالما أنّه مُبتلى بالأمور الّتي أوجدها في باطن نفسه، وتلك الظلمات الّتي  ﴿بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ3، فإنّه لا يكون مؤهّلاً لانعكاس هذا النور الإلهيّ في قلبه.

- الّذين يُريدون فهم القرآن ومحتواه، لا صورته النازلة المحدودة، بل يفهمون محتواه ويزدادون سموّاً ورقيّاً كلّما قرأوه، ويقتربون من مصدر النور والمبدأ الأعلى كلّما قرأوه، فإنّ هذا لا يتحقّق إلّا بأن تزول الحجب و"إنّك بنفسك حجاب لنفسك".

- يجب رفع هذه الحجب حتّى تتمكّن من رؤية هذا النور كما هو وكما يليق بالإنسان أن يدركه. أحد الأهداف هو تعليم الكتاب بعد التزكية، وتعليم الحكمة بعد التزكية.

- رغم أنّ جميع العالم هو آيات الحقّ تعالى، لكنّ القرآن الكريم هو عصارة الخليقة، وعصارة الأشياء الّتي يجب أن تتمّ في البعثة.

- القرآن الكريم عبارة عن مائدة أعدّها الباري تبارك وتعالى للبشر بواسطة نبيّه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ليستفيد منها كلّ إنسان بمقدار استعداده.

- هذا الكتاب، وهذه المائدة الممتدّة في الشرق والغرب، ومنذ زمان الوحي وحتّى تلاوة يوم القيامة، هو كتاب يستفيد منه كلّ الناس: الجاهل والعالم والفيلسوف والعارف والفقيه.

- إنّ الغرض من نزول هذا الكتاب المقدّس، ومن بعثة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، هو لكي يصبح هذا الكتاب في متناول أيدي الجميع، حتّى يستفيدوا منه بمقدار سعتهم الوجوديّة والفكريّة.

- مع الأسف لم نتمكّن نحن، ولا البشريّة، ولا علماء الإسلام، من الاستفادة من هذا الكتاب المقدَّس بالمقدار الّذي تنبغي الاستفادة منه.

- يجب على الجميع استخدام أفكارهم، وتسخير عقولهم، نحو هذا الكتاب العظيم حتّى نتمكّن من الاستفادة بمقدار استعدادنا وكما هو عليه.

- جاء القرآن لتستفيد منه جميع الطبقات، كلٌّ بمقدار استعدادها.

- إنّ بعض الآيات لا يمكن أنْ يفهمه إلّا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمتعلّم بتعليمه، ويجب علينا فهمه بواسطتهم.

- إنّ الكثير من الآيات الأخرى هو في متناول أيدي الجميع، حيث يجب عليهم استخدام أفكارهم وعقولهم ليستفيدوا منه في مسائل الحياة، سواء هذه الحياة الدنيا أو الحياة الأخرى.

- لا ينبغي للذين لم يصلوا بعد إلى المستويات العالية من النضوج العلميّ أن يدخلوا مضمار التفسير.

- لا ينبغي للشباب - غير المطّلعين على المعارف الإسلاميّة، والّذين لا اطّلاع لهم على الإسلام - اقتحام ميدان تفسير القرآن.

- من الأمور الممنوعة في الإسلام "التفسير بالرأي", كأنْ يعمد أيٌّ كان إلى فرض آرائه على القرآن، فيطبّق الماديُّ أفكاره على بعض الآيات القرآنيّة، ويفسّر القرآن ويؤوّله وفق رأيه. أو أنْ يعمد أحد أصحاب الآراء المعنويّة والروحيّة إلى تأويل كلّ ما في القرآن الكريم، ويفسّره بما يعتقده هو. لذا يجب علينا أنْ نحترز من كليهما.

- إنّ هذه الآيات الّتي قيل عنها في رواياتنا إنّها جاءت للمتعمّقين في آخر الزمان، مثل: سورة التوحيد وستّ آيات من سورة الحديد، لا أعتقد أنّ أحداً من الناس اكتشف حقيقتها كما هي إلى الآن.

- إنّ المقصود بـ "لا يعرفه إلّا من خوطب به" هو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، أي أنّ الوسيط - وهو جبرائيل - لا يمكنه الفهم أيضاً.

- لقد كان جبرائيل الأمين وسيطاً ليس إلّا، يقرأ على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك الآيات الواردة من الغيب. إنّ "مَن خوطب به" هو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقط، وإنّ الآخرين فهموا أيضاً بواسطة ذلك النور المشعّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتعليم النورانيّ الخارج من قلبه إلى قلوب الخواص.

- الإسلام لا يدعو إلى المعنويّات فقط، ولا يدعو إلى الماديّات فقط. إنّه يدعو إلى كليهما. فقد جاء الإسلام والقرآن الكريم من أجل بناء الإنسان وتربيته في جميع أبعاده.

- كما هو الغالب علينا، نقرأ القرآن للثواب والأجر فقط، ولهذا لا نعتني بغير جهة تجويده، ونريد أنْ

 نقرأ القرآن أربعين سنة، ولا تحصل أيّ استفادة منه بوجه إلّا الأجر وثواب القراءة.

- وبالجملة، كتاب الله هو كتاب المعرفة والأخلاق والدعوة إلى السعادة والكمال، فكتاب التفسير أيضاً لا بدّّ من أنْ يكون كتاباً عرفانيّاً وأخلاقيّاً، ومبيّناً للجهات العرفانيّة والأخلاقيّة وسائر جهات الدعوة إلى السعادة الّتي في القرآن.

- لا بدّ من أنْ نأخذ المقصود من تنزيل هذا الكتاب، من نفس هذا الكتاب مع قطع النظر عن الجهات العقليّة والبرهانيّة الّتي تُفهمنا المقصد، فمصنّف الكتاب أعرَفُ بمقصده.

- إذا نظرنا الآن إلى ما قال هذا المصنّف فيما يرجع إلى شؤون القرآن، نرى أنّه يقول  ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ4 فعرّف هذا الكتاب بأنّه الهداية.

- هذا الكتاب ليس كعصا موسى ويده البيضاء عليه السلام، أو نَفَس عيسى عليه السلام الّذي يُحيي الموتى، فيكون للإعجاز فقط، وللدلالة على صدق النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, بل هذه

الصحيفة الإلهيّة كتاب إحياء القلوب بالحياة الأبديّة للعلم والمعارف الإلهيّة.

- أيّ خسران أعظم من أنْ نقرأ الكتاب الإلهيّ ثلاثين أو أربعين سنة، ونراجع التفاسير، ونبقى محرومين من مقاصده؟ ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ5.

- اللازم على المتعلّم والمستفيد من كتاب الله أنْ يُجري أدباً آخر من الآداب المهمّة حتّى تحصل الاستفادة، وهو رفع موانع الاستفادة، ونحن نعبّر عنها بالحـُجُب بين المستفيد والقرآن.

- موسى الكليم عليه السلام - مع ما له من المقام العظيم في النبوّة - ما اقتنع بذلك المقام، وما توقّف في مقام علمه الشامخ، وبمجرّد أنْ لاقى شخصاً كاملاً كالخضر قال له ـــ بكلّ تواضع وخضوع ـ ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا6 وصار ملازماً لخدمته حتّى أخذ منه العلوم الّتي لا بدّ من أخذها. 

يكثُر التكرار في القرآن الكريم، ويتساءل البعض لماذا هذا التكرار؟ في حين أنّه لازم. إنّ التلقين هو من الأشياء المفيدة لبناء الإنسان.

- إبراهيم عليه السلام لم يقتنع بمقام الإيمان الشامخ، والعمل الخاص بالأنبياء فقال ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى7، فأراد أنْ يرتقي من الإيمان القلبيّ إلى مقام الاطمئنان الشهوديّ.

- إنّ مهجوريّة القرآن لها مراتب كثيرة ومنازل لا تُحصى، ولعلّنا متّصفون بالعُمدة منها. أترى أنّنا إذا جلّدنا هذه الصحيفة بجلدٍ نظيفٍ وقيّم، وعند قراءتها أو الاستخارة بها قبّلناها ووضعناها على أعيُننا أنكون ما اتخذناها مهجورة؟

- من الحجب المانعة من الاستفادة من هذه الصحيفة النورانيّة أيضاً: الاعتقاد بأنّه ليس لأحد حقّ الاستفادة من القرآن الشريف إلّا ممّا كتبه المفسّرون أو فهموه. وقد اشتُبه على الناس التفكّر والتدبّر في الآيات الشريفة بالتفسير بالرأي الممنوع.

- التفسير بما يُطابق البرهان ليس تفسيراً بالرأي، ولا يكون ممنوعاً بوجه.

- من الحُجُب أيضاً المانعة من فهم القرآن الشريف، ومن الاستفادة من معارف هذا الكتاب السماويّ ومواعظه: حجاب المعاصي والكدورات الحاصلة من الطغيان والعصيان بالنسبة إلى ساحة ربِّ العالمين المقدّسة، الّذي يحجب القلب عن إدراك الحقائق.

- من الحُجُب الغليظة الّتي هي ساتر غليظ بيننا وبين معارف القرآن ومواعظه: حجاب حبّ الدنيا، فيصرِفُ القلب بواسطته تمام همّته في الدنيا، وتكون وجهة القلب تماماً إلى الدنيا، ويغفل القلب بواسطة هذه المحبّة عن ذكر الله، ويُعرض عن الذكر والمذكور.

- لعلّ المراد من أقفال القلوب المذكورة في الآية الشريفة:  ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا8 هي أقفال وأغلال العلائق الدنيويّة.

- من أراد أنْ يستفيد من معارف القرآن، ويأخذ نصيبه من المواعظ الإلهيّة لا بدّ من أنْ يطهّر القلب من هذه الأرجاس، ويُزيل لوث المعاصي القلبيّة، وهي الاشتغال بالغير عن القلب لأنّ غير المطهَّر ليس مَحرماً لهذه الأسرار، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ9.

- فكما أنّ غير المطهّر الظاهريّ ممنوع عن ظاهر هذا الكتاب، ومسّه في العالم الظاهر تشريعاً وتكليفاً، كذلك ممنوع من معارفه ومواعظه وباطنه وسرّه, مَن كان قلبه متلوّثاً بأرجاس التعلّقات الدنيويّة، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ10 إلى آخر الآية.

- من آداب قراءة القرآن حضور القلب، ومن الآداب المهمّة الأخرى لذلك التفكّر، والمقصود من التفكّر أنْ يتحسّس من الآيات الشريفة المقصد والمقصود.

- كثرت الدعوة إلى التفكّر وتمجيده وتحسينه في القرآن الشريف، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ11، وفي هذه الآية مدح عظيم للتفكّر.

- حيث إنّ السعادة هي الوصول إلى السلامة المطلقة وعالم النور والطريق المستقيم, فلا بدّ للإنسان من أنْ يطلب من القرآن المجيد الشريف سبل السلامة، ومعدن النور المُطلَق، والطريق المستقيم.

- إذا وجد القارئ المقصد تبصّر في تحصيله، وانفتح له طريق الاستفادة من القرآن الشريف، وفُتحت له أبواب رحمة الحقّ، ولا يصرف عمره القصير العزيز، ورأس مال تحصيل سعادته، على أمور ليست مقصودة لرسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويكفّ عن فضول البحث وفضول الكلام في مثل هذا الأمر المهمّ.
 

* الكلمات القصار, الإمام الخميني قدس سره, إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.    


1- سورة الحجر، الآية: 9.
2- سورة القدر، الآية: 3.
3- النور، الآية: 40.
4- سورة البقرة، الآية: 2.
5- سورة الأعراف، الآية: 23.
6- سورة الكهف، الآية: 66.
7- سورة البقرة، الآية: 260.
8- سورة محمّد، الآية: 24.
9- سورة الواقعة، الآية: 79.
10- سورة البقرة، الآية: 2.
11- سورة النحل، الآية: 44.

31-01-2018 | 15-02 د | 1042 قراءة
الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد

أخر تحديث: 2020-01-10
عدد الزيارات: 4629792

Developed by Hadeel.net جمعية مراكز الإمام الخميني (قدس سره) الثقافية في لبنان